[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبدالرحمن آل فرحان[/COLOR][/ALIGN]

العرب وخاصة شعوب دول ثورات الربيع بعد سقوط الأنظمة القمعية المفاجئ.. وجدت نفسها أمام مركبة جديدة .. فارهة وفخمة .. يسمونها الديموقراطية !! فأخذت وأخذنا نحن معهم نهلل ونكبر ونهتف ونصفق ونرقص حول تلك المركبة مرددين :\” محدش أحسن من حد .. لديهم ديموقراطية !! ولدينا ديموقراطية !!\” ، بل وسارت الأقلام وثارت وسائل الإعلام تمجيداً لتلك المركبة التي كانت بالنسبة للعرب حتى عام 2011م مجرد حلم محال ، شيء نسمع عنه ولا نراه ، وإن رأيناه لا نلمسه ، وإن لمسناه استفقنا من نومنا قبل أن نشعر بلذة هذا الحلم ، لكنه اليوم لم يعد كذلك ، بل أصبح واقعياً أكثر من الواقع ذاته ، سيارة الديموقراطية غدت مركونة أمام باب الدار العربية ، وعلى وقع هذا الواقع الجميل لم يترك الإخوة العرب الذين وجدوا أنفسهم أمام هذه السيارة السياسية الفارهة جداً وسيلة إعلامية مرئية كانت أو مسموعة إلا وتغنوا عبرها عن جمالها وأناقتها وعما يختلج في أذهانهم وخواطرهم من أحلام وآمال وتطلعات حولها ، وما يمكن أن تحققه لهم ولأجيالهم بل ولكل الأمة العربية من رفاه وكرامة تعوض العروبة عن كل ما مر بها طوال القرون الماضية من قهر وإذلال وقرف تحت وطأة الاستبداد والحكم الشمولي ، نعم إنها سيارة الديموقراطية التي لا تكل ولا تمل من السير والتقدم مهما اعترى طريقها من عقبات وحواجز ، إنها سيارة الدول المتقدمة التي كانت السبب الأول في تقدمهم ، وقد آن للعرب أن يتقدموا .. وليس من المعقول أن يتقدموا بناقة مزيونة أو باستخدام تكتك رشيق ،.. التقدم فقط بالديموقراطية السيارة السياسية الأسرع في العالم .. وقد أصبحت تلك السيارة في عقر الدار خلاص ،لكن .. يبدو أن هذه الفرحة العارمة بهذه المركبة الجميلة أنست العرب حقيقة جهلهم بفنون ومهارة وأساليب قيادتها ، فمنذ اندلاع الثورات العربية إلي اليوم والعرب قابعون بجوارها ، فتارة يركبون فيها ويصيحون بها ثم يخرجون ليتفحصوا عجلاتها هل تقدمت أم لا .. وتارة يسبقونها ويشيرون لها لتلحق بهم .. وتارة يستعينون برجال الدين والسحر ليقرؤوا عليها التمائم والمعوذات لكنها أبداً لم تتزحزح عن مكانها . ففي مصر مثلاً .. تمكنت جماعة من الشعب المصري من الجلوس أمام مقود تلك السيارة ، وهتفت الجموع بهم .. الأمر الذي أثار غيرة وحفيظة بقية التيارات الذين كانوا جالسين في مؤخرتها فعقدوا العزم على تعطيلها مهما كلف الأمر وبأية طريقة كانت بالرغم من أن ما حدث ليس سوى امتطاء لصهوتها فقط ، وهنا تكمن النكتة .. فالذين جلسوا في المقدمة نما إلي أذهانهم خيالات وتصورات أوهمتهم بأنهم بالفعل قد أخذوا يسرحون ويمرحون بتلك المركبة كيفما يشاؤون وأينما يشاؤون ، والمضحك أن هذا الوهم امتد حتى لمخيلة أصحاب المؤخرة الذين صدقوا ذلك فراحوا ينغصون على أصحاب المقدمة فرحتهم المزيفة ، لكن يبدوا أن هذا التنغيص لم يزد أولئك سوى المزيد من تصديق هذا التوهم السياسي ، فما كان من ركاب المؤخرة إلا أن ترجلوا عن تلك السيارة وهرعوا باتجاه الجاثمين على مقود السيارة وأجبروهم على الخروج ، بينما الحقيقة التي لا يريد أحد أن يقولها أن السيارة منذ الخامس والعشرين من يناير لم تبرح مكانها .. وأن من حاولوا قيادتها لم يحركوا لها ساكناً أصلاً .. وكل ما حدث هو مجرد ركوب وامتطاء واستعراض داخل المركبة بينما مصر وأهلها وأحزانها .. لم تزل في مكانها تنتظر من يحسن القيادة وتترقب من يقلها بكل اقتدار إلي حيث يجب أن تكون ، فإلي ذلك الحين نبتهل إلي الله تعالى أن يحفظ على مصر العروبة أمنها ووحدة أرضها وأهلها .

twitter: @ad_alshihri

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *