دم للبيع ، مين يزود ؟
المتاجرة بالدماء أصبحت نوعا من أنواع الإتجار “المُربحة” جداً في هذا الزمان ، فقد أصبح بعض أصحاب الدم (يتاجرون) بدماء ذويهم المتوفين بحجة الدية المقررة شرعاً في حالات القتل العمد ، ويُبالغون ايضاً في طلب مبالغ فلكية وباهظة جداً من أجل “العفو” عن القاتل ، ومن المفترض أن يكون العفو في حال قرروه خالصاً لوجه الله تعالى بدون (شيكات أو مبالغ نقدية) زائدة عن الحد المعقول !
فالدية في الشرع هي المال الذي يستوجب دفعه إلى ذوي المجني عليه بسبب الجناية وهي جزاء يجمع بين العقوبة والتعويض ، لكن كثيراً من الناس اختلط عليهم مفهومها فأصبحوا يساومون بدم المتوفي ويتاجرون به علناً باسم الدين ، ومن الطبيعي أن المال مهما قل أو كثر لن ينفخ في صدر المتوفي ويعيده إلى قيد الحياة ، فهل يعتقد البعض بأن المبالغة بطلب الملايين فيها تقدير “لغلاوة” المتوفي ؟ فأموال الدنيا كلها لا تعوض الفقد ، وأنا وبالطبع لا أنكر على أصحاب المُصاب حزنهم ولا حقهم في ذلك لكني أنكر عليهم فقط المبالغة في تحديد المبالغ المطلوبة للعفو ، والتي قد تجاوزت حد المعقول بالفعل ! واتساءل أين هم من قول الرسول -عليه الصلاة والسلام- : “من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله بكل عضو منه عضواً من النار حتى فرجه بفرجه”.
ولأننا نعيش في زمان (الغلاء) في كل شيء ، نأمل من ولاة الأمر الإلتفات لهذا النوع من الإتجار البشري وفرض سقف محدد ودية مُقدرة بحد “معقول” وغير قابلة للزيادة -لمن أرادها بالطبع- على أن يتم تقنينها من قبل لجان مُختصة بتلك القضايا يأخذ فيها المتنازل حقه أو يقتص من غريمه بالقصاص. فما يحصل مؤخراً ماهو إلا “مقايضة” ومُتاجرة رخيصة يُستغل فيها حكم الديات في أبشع صوره ، وأرى إنه يسقط الأجر العظيم الذي يناله العافين من الناس عن الناس “لوجه الله وحده”.
فمن أراد أن يعفو منكم فليعفو وأجره عند الله ، وأما اذا كنتم من أصحاب (الذمم الواسعة) وأردتم أن أدلكم على أقصر الطُرق الحالية للثراء ، فما عليكم سوى أن تبيعوا ضمائركم في أقرب سوق للدم ، وتضحوا “بنفسٍ” قريبة منكم وربما (غثيثة) أو زائدة في العائلة و لستم في حاجة ماسة إليها، وبعدها تطالبون بالدية ، وينادي منكم منادي : يوجد لدينا دم للبيع ، نفتح المزاد بعشرة ملايين .. مين يزود ؟ على بركة الله.
rzamka@
[email protected]
التصنيف: