دعك مما قاله ( طوقان) .. وقم للمعلم ووفه التبجيلا
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]يوسف اليوسف [/COLOR][/ALIGN]
ما أجمل حين يشنف آذانك في الصباح الباكر صوت برئ جميل صادق لم تعتريه المجاملات والمداهنات .. ولا يشوبه التكلف والتأوه والآهات يلج القلب بلا إذن ولا استئذان .. هو أشبه بتغريد العصافير .. ذلك هو الصوت الذي سمعناه من الأطفال الثلاثة عبر الأثير من خلال برنامج بك أصبحنا عبر إذاعة القرآن الكريم عن حبهم للمعلم وذلك خلال حلقة يوم الاثنين الماضي التي خصصت للمعلم . تلك البراءة والصدق في الكلمات المعبرة جاءت موافقة لوجدانهم . فلولا أنهم وجدوا في المدرسة والمعلم أو المعلمة ما يشجعهم على مفارقة أحضان أمهاتهم لساعات طويلة لما تركوها وجاءوا للمدرسة لتعلم العلم والكتابة والنظام وغيره ..
غير أن الشاعر الفلسطيني الأستاذ / إبراهيم طوقان وكان معلما للغة العربية أعد قصيدة عن المعلم من كثرة معاناته في مهنة التعليم ـ وقد تطرق لبعض أبياتها أحد الأساتذة الأجلاء الذين استضافهم البرنامج ــ فقد أعد الشاعر طوقان قصيدة يرد فيها على قصيدة أحمد شوقي التي قالها في حق المعلم ..
قُـمْ للمعلّمِ وَفِّـــهِ التبجيـــــلا كـادَ المعلّمُ أن يكونَ رســـولا
أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي يبني وينشئُ أنفـساً وعقــولا
سـبحانكَ اللهمَّ خـيرَ معـلّــــمٍ علَّمتَ بالقلــمِ القـرونَ الأولى
أخرجـتَ هذا العقلَ من ظلماتهِ وهديتَهُ النـورَ المبينَ سـبيــلا
إلى أن قال :
فكِلُوا إلى اللهِ النجـاحَ وثابـروا فاللهُ خيرٌ كافلاً ووكيــــــــلا
أما رد الشاعر إبراهيم طوقان على قصيدة شوقي فقد قال :
شوقي يقول ومــا درى بمصــيبتي قــــم للمعــلم وفه التبجيـــلا
أقعـد فديتــك هل يكــون مبجــلا من كان للنشء الصغــار خليـلا
ويـــكاد يفلــقني الأمــير بقــوله كاد المعلــــم أن يكون رســــولا
لو جرب التدريس شوقــي سـاعة لقضى الحياة شقاوة وخمــــولا
فهذه القصيدة تعبر عن رأي شخصي ومعاناة معلم وشاعر .. وليست نظرة عامة لذلك المعلم الذي نال حقه من التقدير من أمير الشعراء .. والذي قلّ أن يُذكر المعلم إلا ويذكر شوقي برائعته ( قم للمعلم ) وأود أن ألمح إلى أن قصيدة شوقي على ما فيها من عظيم الإنابة وإرجاع فضل العلم لله (سـبحانكَ اللهمَّ خـيرَ معـلّـمٍ) فقد جعل المعلم سبباً في ذلك ، فقد قال في البيت الثاني (أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي … يبني وينشئُ أنفـساً وعقـولا) أي أن المعلم يبني والبناء هو التشييد أي رفع البناء إلى أعلى وأما الإنشاء فهو الابتداء من الأساس وأصله ، وربما كان يشير شوقي إلى المراحل الابتدائية في التعليم ثم ما تلاها من مراحل في البناء فيرجع الفضل فيها بعد الله سبحانه وتعالى لذاك المعلم الذي يبني وينشئُ .
ولا غرو في هذا أو عجب .. فكلنا يقدر المعلم وله مكانة خاصة في قلوبنا مهما توالت السنين أو قدم العهد بمراحل الدراسة . فمعلم اليوم يشكر بصورة أكثر لكونه يدرس في عصر كثرت وتعددت فيه التقنية وسهلت فيه المعرفة وتداخلت الوسائل التعليمة وتطورت فهو يبذل ويهيئ أجيالاً تواكب مثل هذا العصر والعصور المقبلة ، ويكفى أن ننظر من حولنا ونشاهد التطور الذي يجري في كل العالم والإنجازات الكبيرة التي تحققت بفضل الله تعالى ثم بفضل العلماء الذين هم طلاب الأمس وللمعلمين الذين قدموا وساهموا في تهيئة المناخ للطالب للنبوغ وتحقيق طموحاته وجادوا بكل ما وهبوا من مواهب وملكات في تبسيط وتسهيل اكتساب المعرفة للتلاميذ .
إن على عاتق المعلم أعباءً كثيرة منها أن يكون مدركاً لأهمية وأبعاد التحديث والتطوير والتقنيات المصاحبة التي تحدث من حوله بنفس القدر الذي يدرك فيه أهمية وأبعاد المنهج المدرسي المقرر ، هذا إلى جانب أهمية إدراكه لشخصية طلابه وظروفهم وتفاوت قدراتهم وما يرجونه منه من علم وحسن اقتداء حتى يتخرج على يديه جيلاً بعد جيل يقول رحمك يا شوقي فقد صدقت حين قلت: ( أعلمت أشرف أو أجل من الذي … يبني وينشئ أنفساً وعقولا ؟!!) ودعائنا لأبنائنا والأجيال ولكل المعلمين بدوام التوفيق والسداد .. والله الموفق ،،،
[email protected]
التصنيف: