د.إبتسام بوقري
حكت قريبة لي إنها ذهبت لعزاء فوجدت إحدى الداعيات تتحدث وتوجه كلامها للحاضرات وهي تشير بأصبعها لكل واحدة منهن – ولم تنتبه أن باقي أصابع يدها موجهة لها – وتصرخ في وجوههن قائلة : أنت في النار !! إذا لم تفعلي كذا أو إذا فعلت كذا.. وكانت تلك العبارة لازمة لها تكررها في كلامها، وربما نسيت أنها في عزاء ويفترض أنها جاءت للتخفيف من مصاب أهل المتوفي وليس زيادة همهم وحتى المعزين لحقهم الحزن والغم.
وحكى أحد الشباب في برنامج تلفزيوني أنه اشترى شريطاً لأحد الدعاة ليستمع له في طريقه وهو يقود سيارته ، واختار عنواناً يبشر بخير لكنه فوجئ حين بدأ الحديث أنه يصرخ بصوت كأنه ينذر بكارثة ، الآن نقدم لكم : وصف الجنة ، وعلق الشاب مازحاً : إذا كان هذا وصف الجنة .. فكيف يكون وصف النار؟.
أما ( الصلاة النارية ) فهو عنوان مطوية وصلتني تدعو للصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم باعتبارها تقي من النار ولا أدري هل مناختار ذلك الأسم لم يجد غيره ؟ وهل يتوقع أنه سيحقق هدفه؟ فلاأظن أن أحداً يرغب بقراءتها بعد صدمة عنوانها .ورأيت في ورقة منشورة صورتين واحدة لامرأة ترتدي عباءة على الرأس وتحتها عبارة : هذه في الجنة ، وأخرى تلبس عباءة على الكتف وتحتها عبارة : هذه في النار
.فمن الذي يستطيع الحكم على إنسان مهما كان ماهو مصيره إلى جنة أو نار؟.
وفي رواية – أكتفي بذكر مضمونها لتعدد الروايات – عن الرسول صلى الله عليه وسلم: أن رجلاً عابداً رأى رجلاً عاصياً فقال له : والله لن تدخل الجنة أبداً , فقال الله : من ذا الذي يتألى علي ..فقد غفرت له وأدخلته الجنة وأحبطت عملك.
إن الدعوة إلى الله من أجل وأعظم الأعمال وهي مهمة الأنبياء عليهم السلام ، ولكنها لاتكون بالعنف والتهديد بل كما قال تعالى:(أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) النحل 125 .وقال صلى الله عليه وسلم 🙁 بشروا ولاتنفروا ، ويسروا ولاتعسروا ).وقال لمعاذ رضي الله عنه حين بلغه أنه أطال في الصلاة : أفتان أنت يامعاذ ,وخاطب الرحيم سبحانه رسوله بقوله : (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا ً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر) آل عمران 159.وقال تعالى:(إنا أرسلناك بالحق بشيراً ونذيراً ) البقرة 119,فالتبشير يأتي أولاً ثم الإنذار فاعتبروا يا أولي الأبصار .

[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *