دروس وعبر سياسية
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]ممتاز مرتجى[/COLOR][/ALIGN]
في كل مرحلة تمر فيها أمة لا بد لها أن تعيد حساباتها لتعرف فيما أصابت وفيم أخطأت,والمشكلة الفلسطينية مرت بمراحل عدة كان ينبغي أن يتم استخلاص الدروس والعبر بعد كل مرحلة, ولكن في إطار الموضوعية والنظرة الشمولية.لقد مرت الثورة الفلسطينية بعدة مراحل بدءاً بمرحلة الكفاح المسلح ومرورا بمسيرة التسوية وانتهاءً باتفاق أوسلو.وبعد قراءة هذه المراحل كان لابد من الاعتراف أن حالة الاستفراد بالقرار الفلسطيني كانت سبب كل فشل وكل تراجع,وتمت قراءة اتفاق أوسلو وما تبعه من احباطات ومراحل جديدة مر بها الشعب الفلسطيني فرضت عليه أن يعيد بناء ذاته وينظم أفكاره وعناصر قوته من جديد بعد الأذى الذي ألم به بسبب المجازر والاغتيالات العديدة والمتكررة لأبناء الشعب الفلسطيني,كان لزاما بعد وصول اتفاق أوسلو الى طريق مسدود أن تطور قوى المقاومة أدواتها لصد وكبح جماح العدوان الإسرائيلي الغاشم المتذرع بحجة الدفاع عن النفس ومقاومة الإرهاب,فكانت المقاومة تتقدم بأدواتها المتواضعة لتفرض أجندة جديدة في معادلة الصراع يذعن لها المحتل ويخضع لشروطها.ولكن لم يكن من الصائب مطلقا اعتبار حالة الانقسام التي انبثقت بسبب الإشكاليات المتعلقة بآثار اتفاق أوسلو ميدانيا هي الحالة الطبيعية, لخطورتها على المشروع الوطني الذي حذر الدكتور رمضان شلح من تدهوره أكثر وأكثر ووصوله إلى طريق مسدود بفعل الانقسام وعدم وجود توافق فلسطيني ورؤية فلسطينية مجمع عليها للنضال. وعند الحديث عن أهم وأخطر مرحلة مر بها الشعب الفلسطيني تتم الإشارة إلى اتفاق أوسلو كمرحلة مفصلية ساقت الشعب الفلسطيني إلى متاهات وأخطار وظروف لم تكن تخطر ببال أحد أو أن يحسب لها أحد أي حساب.
ما زالت الأمور تراوح مكانها ولم يحصل الشعب الفلسطيني على أكثر من غزة أريحا وإعادة انتشار من بعض مدن وقرى الضفة الغربية) ,ولكن عندما ثبت للعالم من جديد سوء النوايا الإسرائيلية,وعدم التزام إسرائيل بتطبيق بنود المرحلة الثانية من الاتفاق والتي تقضي بقيام دولة فلسطينية بعد خمس سنوات من تنفيذ المرحلة الأولى, أطلق العنان للبندقية والعمليات الاستشهادية من جديد بعد أن رفع غصن الزيتون وكسرته دولة الاحتلال فقامت إسرائيل باغتياله.
إن المشروع الوطني لا يمكن أن يحمله أو يتحمل تبعاته فصيل واحد مهما عظم شأنه,لا سيما وان المشروع الصهيوني المضاد لا يزال يمتلك عناصر القوة المختلفة على الرغم من تقدم وسائل فصائل المقاومة القتالية وإحداث معادلة جديدة وتوازن في الفعل والفعل المضاد,لكن على الرغم من كل هذا فإن المشروع الوطني الفلسطيني يحتاج إلى تضافر كل الطاقات الفلسطينية,ويحتاج قبل ذلك كله إلى إزالة شبح الانقسام وطي صفحته إلى الأبد والتعاون وفقا لنظرية الوحدة من خلال التعدد التي طرحها الدكتور المفكر فتحي الشقاقي في مطلع الثمانينات.
هل سيشهد كل من القطاع والضفة مزيدا من بوادر حسن النية والتوافق الوطني لنرى أن ملف الاعتقال السياسي والسلامة الأمنية قد أغلق والى الأبد؟وهل ستشهد شوارع ومدن القطاع والضفة حالة انسجام يقبل فيها الفرقاء بعضهم البعض لتعود حالة الانسجام والتنسيق الميداني كما كانت عليه في انتفاضة الأقصى وما سبقها, والتي أصيبت بطعنة في القلب بعد الانقسام أصبحت فيها النفوس محتقنة ومشحونة؟.هذا ما ينتظره ويتشوق إليه الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة المهمة من تاريخه وتاريخ الأمة الإسلامية والعربية والتي تمر جميعها بمتغيرات سياسية واجتماعية مهمة.يمكن القول في ظل هذه الأجواء أن الكل بدأ يدرك حجم المأزق الذي لا يتعلق بطرف بعينه دون الآخر, فالمأزق يشمل الجميع,والمشروع الوطني ليس اجتهادا وحكراً لطرف دون الآخر,والفلسطينيون كلهم شركاء في فاتورة التضحية وما يتبعها من انجازات وانتصارات,فهل يمكن أن تصبح هذه الرؤية واقعا ملموسا في ممارسة الكل الفلسطيني؟.لعل الأيام القادمة تقدم إجابة شافية لكل هذه التساؤلات.
التصنيف: