درس عملي في الصبر
لو وصلك الخبر أن أحد أقاربك الأعزاء قد انتقل الى رحمة الله فلا شك انك ستحزن فان كان ذلك القريب العزيز هو أحد أبنائك وتلقيت الخبر فجأة فحتما ستصاب بحزن شديد فكيف لوكان الذي مات هو اكبر ابنائك وكان في ريعان شبابه فبدون شك سينزل عليك الخبر كالفاجعة ولكن تخيل معي لو جاءك الخبر ان ابنك الشاب البكر مات مقتولا فأظن ان هذا الخبر سيكون فاجعة كبرى تهز كيانك وتزلزل اركانك ومشاعرك وربما تنهار عصبيًا ونفسيا. فإن اخبرتك ان ذلك الاب الذي صدم بتلك الفاجعة الكبرى في مقتل ابنه البكر الشاب كان ثابتا صابرا وواصل حياته العملية صابرا محتسبا ليس ذلك فحسب بل انه ام الناس في صلاة الجنازة على ابنه وهو يرى ابنه الشاب امامه مسجى لا حراك فيه . انه بالفعل موقف جلل يحتاج لشخصية قوية مؤمنة صابرة فان زدتك من الشعر بيتا وقلت لك ان هذا الأب قد عفا عن قاتل ابنه فورًا ودون طلب ولا نقاش ولا مفاوضات فحتمًا ستقول لي ان ذلك من الأساطير والقصص الخيالية . لكن لو علمت انها قصة واقعية حقيقية وليست من صنع الخيال فستظن للوهلة الاولى انها واقعة حدثت في عهد الرعيل الاول من صحابة رسولنا صلى الله عليه وسلم او التابعين او ربما في عهود الدول الاسلامية والعصور الذهبية فإن قلت لك ليس ذلك صحيحًا فحتما ستخبرني انها ربما حدثت لأحد اجدادنا الاوائل قبل مئات السنين حينما كان اولئك الرجال يعيشون حياة قاسية وكانوا يتحملون مآسي الحياة بصبر وجلد ولكنني اؤكد لك ان هذه الوقائع حدثت في عصرنا الحالي ولشخص مازال يعيش بيننا بل وربما عايش الكثير منا الحدث بتفاصيله نصا وصوتا وصورة .
ان بطل تلك القصة هو الشيخ محمد صالح المنجد والذي فجع خلال الاسبوع الماضي بموت ابنه انس مقتولًا . لقد قدم الشيخ المنجد درسًا عمليًا لنا جميعا في الصبر والاحتساب والثبات والعفو ابلغ من عشرات المحاضرات والدروس والكتب والخطب فرحم الله انس ابن الشيخ المنجد رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته وألهم الشيخ المنجد وأهله الصبر والسكينة والسلوان وأعظم الله اجرهم ورفع درجاتهم وعوضهم خيرًا في اولادهم وذرياتهم ونسأل الله ان لا يريهم مكروها وان يبارك لهم في ذريتهم وأولادهم وأرزاقهم وان ينزل عليهم الطمأنينة والرضا والانشراح والثبات وصبرا ال المنجد .
3903 جدة – 22246 – 6624
التصنيف: