دخل بغير رغبته وخرج بإرادته

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]فهد الغزاوي[/COLOR][/ALIGN]

تابعت بشيء من الاهتمام قناة الحرة في الحلقة التليفزيونية التي استضيف فيها أحد أعضاء مجلس الشورى السابقين وكانت حلقة متميزة أفصح فيها عضو مجلس الشورى أن والده عمل بالمجلس أكثر من خمسين عاماً. كما يضيف عضو مجلس الشورى السابق بأنه دخل المجلس بغير إرادته وخرج منه بإرادته وأقول لسعادته أسلوبك شيق وحديثك لا يمل لو أنك أيها العضو المبجل كنت أكثر صراحة ومصداقية وشفافية في حديثك عن نفسك وعن المجلس.
فليس من البساطة أن يعين الإنسان في أي منصب بدون جهد أو عناء إلا إذا كان هذا العضو الحصيف أفضل تميزاً إنني لا أعتقد البتة أنه خرج بإرادته فالكثير من الزملاء والأصدقاء خرجوا من مناصبهم بغير إراداتهم وكانوا يتمنون أن يمد الله في حياتهم ليبقوا في تلك المناصب حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً. ولكن نظام المجلس أولاً ناهيك عن رغبة المسؤولين في تجديد الدماء وتدوير الأفكار والرغبات جعلت هناك دورات للمجلس قد يمدد للشخص بها أو يستعاض عنه بآخر، فالدخول بإرادة زد على ذلك إلحاح متواصل ولكن الخروج منه للمصلحة العامة. فكنت أتمنى على هذا العضو أن يتجرد أسلوبه من الأنا والغرور حتى نشعر بأن الحديث من القلب إلى القلب، فكثيراً ما نشعر كمستمعين أو مشاهدين أو حتى قراء صحف أن هناك كلمات ليست كالكلمات لا يمكن أن نمررها على آذاننا أو نصدق مضمونها ما دام قائلها تظهر عليه وعلى ما ملامحه عدم الواقعية أحياناً والارتباك أحياناً أخرى. كما خلص سعادته للدفاع المستميت عن زملائه أعضاء المجلس فهم في نظره يجب أن يعطون نصف المرتب عند تقاعدهم وذلك من خلال عملهم بالمجلس ولو لدورة أو دورتين وكأن العمل بالمجالس النيابية هو غير العمل في المناصب الحكومية،
أشعرني هذا العضو بالدفاع المستميت عن زملائه أعضاء المجلس وكأنه يحاول استغلالهم واستمالتهم لصالحه، أو أنه يكاد يحط من قيمته لغيره، . وائماً أميل في مثل هذه المواقف لاستخدام القاعدة اللغوية العربية وهي (نفي النفي إثبات)، أما إذا كانت من باب (الهدره) كما يقول إخواننا المغاربة فليأخذ راحته ويريح راحلته؟ فعلى مثل هذه الشخصيات أن تستلهم دورها وأن تعرف واقعها ولا تستخف بعقول غيرها أو تزيد عليها. فترويج الحقائق مطلب وطني إضافة إلى أنه مسؤولية دينية وإنسانية قبل أن تكون نفاقاً اجتماعياً أو تبادلا للمنافع أو ترويجاً للمشاعر. وصدق الشاعر حين قال:
إذا ما المدحُ صار بلا نوالٍ
من الممدوح كان هو الهجاءُ
وحتى لا تعلق الروح .. أرجو أن نعطف عليهم ولا نفطمهم إلا بعد دورتين كاملتين لمن أراد البقاء. فكم من أناس تمنوا أن يكملوا السن النظامي التقاعدية ليرتاحوا ويسعدوا بحياتهم وحريتهم دون رغبة في التمديد لخدماتهم وأمثال هؤلاء لا زالت كراسيهم تبكي عليهم ولفراقهم وهي شاغرة حتى بعد رحيلهم لأن من جاء بعدهم كان لذكراهم رحمة وتخليداً، وذكرى عطرة طيبة.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *