دبلوماسية كرة السلة
[COLOR=blue]حسام يونس[/COLOR]
تصاعدت وتيرة الأحداث في شبه الجزيرة الكورية بين كوريا الشمالية من جانب وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوربي وكندا والولايات المتحدة واليابان من جانب آخر بعد ان أجرت كوريا الشمالية تجربتها النووية الثالثة في 12 فبراير الماضي وهي الثالثة بعد تجربتين قامت بها كوريا الشمالية في عاميي 2006 و2009 م، ليتشدد مجلس الأمن الدولي في قراره الأخير 2094 بحزمة خامسة من العقوبات تحت الفصل السابع ، أدان فيه التجربة النووية ، مشدداً على واجب كوريا الشمالية الامتناع عن إجراء أي تجربة أخرى والتوقف عن إطلاق صواريخ باليستية. وعزز القرار سلطات الدول كافة في تفتيش الشحنات أو الطائرات المتجهة الى أو من كوريا الشمالية وتوقيفها، إضافة الى فرض عقوبات تمنع العمليات المالية والمصرفية المخصصة لأنشطة بيونج يانج غير المشروعة. وأضاف لائحة جديدة بأسماء مسؤولين وكيانات ومؤسسات مالية الى جداول العقوبات الدولية القائمة حالياً. كما منع كوريا الشمالية من استيراد المواد الفاخرة وبينها اليخوت وسيارات السباق، في استهداف مباشر لكبار المسؤولين في بيونج يانج. وتم التوصل إلى هذا القرار بعد مفاوضات عسيرة بين الصين والولايات المتحدة استمرت قرابة الثلاث أسابيع .
في المقابل أعلنت كوريا الشمالية إلغاء اتفاقيات عدم الاعتداء مع كوريا الجنوبية الذي وقع عام 1991م، حيث يلتزم بموجبه البلدان تسوية خلافاتهما في شكل سلمي وتفادي المواجهات العسكرية، وقطع الخط الساخن الموجود بين البلدين الذي أقيم عام 1971 م، وذلك بعد ساعات من قيام مجلس الأمن الدولي بفرض العقوبات . لتبدأ الولايات المتحدة بمناورات عسكرية \” الحل الحاسم \”مع كوريا الجنوبية شارك فيها 13 ألف جندي متزامناً ذلك مع فرض الخزانة الامريكية لعقوبات على بنك التجارة الاجنبية في كوريا الشمالية وعلى بنك سي بونغ رئيس اللجنة الاقتصادية الثانية لكوريا الشمالية، التي تقول واشنطن أنها تشرف على الصواريخ البالستية .
وفي خضم هذه الأوضاع المتوترة في شبه الجزيرة الكورية زار وفد من لاعبي كرة السلة الأمريكيين بقيادة اللاعب السابق الشهير دنيس رودمان كوريا الشمالية لمدة أسبوع ، سبقها زيارة يريك شميدت رئيس مجلس إدارة شركة جوجل الأمريكية العملاقة برفقة عدد من الخبراء والمسئولين الأمريكيين السابقين ، على أمل فتح نافذة من الفرص لإحداث تغيير في كوريا الشمالية والمساهمة في رأب الصدع في العلاقات بين الطرفين ، على غرار دبلوماسية بينج بونج الشهيرة عندما وجهت الصين الدعوة إلى منتخب الببنج بونج الأمريكي للعب أمام المنتخب الصيني في سبعينيات القرن الماضي ، وعلى الرغم من علم الجميع أن نتيجة هذه المباراة محسومة سلفاً إلا أنها لم تكن مباراة عادية في دلالتها ونتائجها فقد ساهمت في اختراق ملف تطبيع العلاقات الصينية الأمريكية ، وانفتاح الصين أمام الاستثمارات الغربية ، وتحولها الآن إلى اكبر دولة في العالم تستقبل الاستثمارات الغربية ، وهي أكبر دولة مصدرة الآن للولايات المتحدة الأمريكية.
حاول رودمان خلال زيارته في تغيير صورة كيم جونغ أون النمطية لدى الإعلام الأمريكي في وصفه أنه شخص رائع وصديق للحياة وعاشق كرة السلة ، مثل باراك أوباما . ولا يريد الحرب بل مجرد اتصال هاتفي من الرئيس باراك اوباما . وسارعت وزارة الخارجية الأمريكية بالرد على زيارة نورمان بأنه شخصية وليس مبعوثاً للحكومة الأمريكية .
غير أن هذه البوادر الإيجابية قد بدت مما لا شك فيه أنها محدودة التأثير فعلى الرغم من أنها تعكس رغبة كوريا الشمالية في الانفتاح على العالم فإنها لم تصمد أمام علاقات العداء بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة . فبعد زبارة إيريك شميث لكوريا الشمالية أجرت التجربة النووية الثالثة ، وبعد زيارة رودمان شدد مجلس الامن الدولي العقوبات عليها . بل أن زيارة الرئيسين الأمريكيين السابقين جيمي كارتر وبيل كلينتون بدعوات من كوريا الشمالية بدون أي تجارب نووية لم تثمر في أي اختراق في العلاقات بين البلدين . فلا يمكن من هذا الأساس المقارنة بين دبلوماسية كرة السلة ودبلوماسية البينج بونج في ظل انعدام الثقة وغياب الرغبة في تحسين الأجواء بين البلدين .
التصنيف: