خلوة مع رئيسة معهد الممرضات

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]علي خالد الغامدي[/COLOR][/ALIGN]

كان ذلك في عام 1390هـ (بدايته، أو نهايته) حين طلب مني مدير التحرير الذهاب للدكتور سليمان فقيه مدير الشؤون الصحية لإجراء لقاء مع رئيسة معهد الممرضات (يتولى الدكتور سليمان ترتيبه)..
كان معهد الممرضات يشكو من إهمال أولياء الأمور لإلحاق بناتهن بهذا المعهد بسبب التقاليد السائدة في تلك الفترة، ونظراً لأن مهنة التمريض لا تجد إقبالاً من السعوديين بشكل عام، ويلزم تغيير هذه النظرة عن طريق تحريك (الآلة الإعلامية) للتقريب، والترغيب في مهنة التمريض وخاصة الميدان النسائي.
ووقع الاختيار عليَّ لإجراء أول حوار مباشر مع سيدة تتمتع بحيوية في العمل، وأنعم الله عليها بالجمال، وتسعى لتشجيع بنات جنسها على الالتحاق بمهنة التمريض (أرقى المهن الإنسانية على الإطلاق).
التقينا في مكتب مدير الشؤون الصحية المطل على البحر (مكان الميناء القديم).. أو الجمرك القديم..
تحدثت بحماس، وأدب، وأصغيت لها بأدب، وتقدير وكانت ترتدي فستاناً أبيض، وتضع على رأسها مسفعاً، وطرحة زادتها جمالاً، ووقاراً، والتقط المصور عدة صور لي، ولها معاً أثناء الحديث، وودعتها، وودعت الدكتور سليمان فقيه، وفي اليوم التالي نشر التحقيق على الصفحة الأخيرة من جريدة المدينة – بارزاً، وبالصور فأثار اهتماماً، وتعليقات كثيرة..
الاهتمام سببه اشتغال البنات بمهنة التمريض التي تتطلب كشف الوجه أمام الجميع: المريض، وأقاربه، والطبيب، ومساعديه، والممرضين، والإداريين، والزوار، وهو ما كان ممنوعاً اجتماعيًّا أن تظهر البنت في مكان عام مكشوفة الوجه فكيف يضاف إلى كشف الوجه التعامل مع الرجال.
والتعليقات سببها أن هذا الموضوع الصحفي – هو الأول من نوعه – الذي تظهر فيه صور صحفي مع امرأة في منتهى الجمال، والأدب، والأخلاق (يتحدثان عن مهنة في منتهى الإنسانية) فكانت التعليقات تنهال على أذني، ومن أطرفها تعليق من إحدى قريباتي (اللي يشوفكم في الصور يقول إنكم عرسان في الكوشة).
بعد أسبوعين، أو ثلاثة، أو أربعة طلبني الدكتور سليمان فقيه في مكتبه – باعتباره أحد أبرز مصادري الصحفية – وأطلعني على خطاب من الرئاسة العامة لتعليم البنات (اعتبرت فيه هذا التحقيق الصحفي مع رئيسة معهد الممرضات خلوة بين الصحفي – الذي هو أنا – ورئيسة معهد الممرضات)..
ربما أثارت (الصور) شكوك وظنون موظف الرئاسة العامة فأسرع بطلب التوضيح، وكشف الحقيقة، وجاء رد الدكتور سليمان فقيه مطمئناً لهم أن اللقاء تم في مكتبه، وتحت إشرافه فطويت صفحة التحقيق، ونجوت أنا من أي إجراء.
بعد أن طوينا (موضوع الخلوة) فتح درج مكتبه، وقام بتسليمي يومياته التي يكتبها كل أسبوع في جريدة المدينة قبل أن ألتحق أنا بالعمل فيها، وهمس في أذني (أرجو أن تسلمها للأستاذ صلاح، فهو إذا كان موجوداً ظهرت اليوميات بشكل ممتاز، وإذا كان غير موجود برزت فيها الأخطاء).
في تلك المرحلة كان يتناوب الإشراف على (يوميات المدينة) هاشم عبده هاشم، وسباعي عثمان، وكانا يتنافسان في تبويبها، وفي إخراجها كلٌّ على طريقته، وأسلوبه وكان من يكتب (اليوميات) يشار إليه بالبنان..
وقد جمع الدكتور سليمان فقيه بين موهبتين: موهبة الطب، وموهبة الأدب فانتصرت موهبة الطب، ومضى معها إلى أبعد الحدود..
وسليمان فقيه هو من نجوم العصر الذهبي الذين كنا نذهب لعياداتهم في – باب مكة – نتلوى – من الألم، ونخرج منها وقد ارتسمت على وجوهنا (ملامح الرضى).

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *