حين نحب النصيب ونكره القدر
هناك علامة فاصلة بين النصيب والقدر ، فالنصيب هو الذى يصنع الإنسان أحداثه ، بينما القدر هى الأمور التى تأتى من عند الله وبأمره جل وعلىّ دون تدخل من أى أحد
فلا شأن للإنسان بها أو بإستطاعته تغييرها ، على سبيل المثال لنذكر الحقيقة الوحيدة فى الحياة وهى الموت ، حينما يأتى مهما تتنوع وتتعدد أشكاله يظل قدر من عند الله وقع عندما أمر الله بذلك ، بعيداً عن الموت نعود للحياة مرة أخرى وننظر إلى أحوال البشر نجدها تتشبث بشدة وتمسك بما ليس لها بل وتتعذب من أجله فى حين أن الله قد رزقها بقدر جعلها فى أماكن أخرى أو مع أشخاص أخرين ولكن كأن الإنسان خُلق ليعترض ، فبعترض على أقدار الله وقد يصل فى بعض الحالات لكره هذا القدر الذى جمعه مع هؤلاء أو ألقى به فى هذا المكان ، لنتحدث عن الدافع الأول للعلاقات الإنسانية بين الناس وهو الحب
الحب هو محور الحديث عن القضاء والقدر ، عندما تنظر إلى ملامح البشر وتتأملها جيداً تجد أن كل شخص يحمل داخله حكاية مختلفة كان بطلها النصيب ولكن للقدر كلمة أخرى ، عندما يحب الرجل أو المرأة شخص يشعر أن العالم سينتهى فور رحيل هذا الشخص أو خروجه من إطار حياتنا ويظل يتلهف لوصله مره أخرى إعتراضاً منه على أقدار الحياة التى فرقت بينه وبين من يحب ، هناك ملايين وليس ألاف من الحالات التى لو تحدثنا عن حضور القدر على النصيب بها لما إنتهينا من الحديث ، وليس الأمر مقتصر على الحب والزواج وحسب بل على جميع مواقف الحياة كالعمل أو التعليم ولو تحدثنا عن الأكثر واقعية بعد الحب لذكر المرض !! يجلس الإنسان ليخطط مستقبله ويرتب كل تفاصيله ظناً منه أن الحياة قد إبتسمت له بالنهاية وما تمناه سيصبح من نصيبه ، ثم يأتى القدر فى لحظة ليسلبه أقوى دافع له للتقدم فى الحياة وهو الصحة فيصاب بمرض مزمن فتاك يجعل الحياة قاتمة بعينه لتنهار أحلامه فى لحظة ما كان يتوقعها أو يعد العده لها
بين كل تلك النماذج يظل الإنسان متمسك بما حلم به كثيراً ويتحسر على النصيب الذى خرج من يده بلا عوده ولم يقسم له بسبب لعبة القدر وتدخله فنجد أنفسنا بالنهاية متمسكين بالنصيب بشدة حتى وإن كان التمسك به يؤلمنا ونظل كارهين ومعترضين على القدر وهنا يقع نصف معاناة الإنسان فى الحياة والنصف الأخر فى كيفية التأقلم مع هذا القدر ، لنعيش الحياة وكأنها دائرة مغلقة كُتب علينا الشقاء بها ، دون أن نفكر أن الله عز وجل خص لنفسه علم الإطلاع على الغيب ودون دراية ووعىّ كافى أن هناك أمور مخفية بين طيات الأيام قد منعها الله عنا كانت لو حدثت لتسببت فى تعاستنا أضعاف التعاسة التى نشعر بها الأن بسبب الإعتراض على القدر
التصنيف: