[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد حامد الجحدلي [/COLOR][/ALIGN]

ظهيرة الأحد الماضي كانت جدة وكأني بها خرجت بكل أطيافها , بشيوخها وشبابها وأدبائها ومثقفيها ومفكريها، يتقدمهم أحد الرواد التربويين الذي افتقدنا إطلالته منذ زمن بعيد، لكنه جاء في ذلك اليوم ينثر شعره رثاء في رفيق دربه، في ظهيرة ذلك اليوم كان المشهد جنائزيا خيم عليه الحزن بكل جنباته، بعد أن عجزت كاميرات المصورين أن تجسد دموع المعزين، التي لم تنحدر على تقاسيم الوجوه الحزينة الباكية فقط وإنما تصاعدت لفضاء الفضاء، ِلتُكوِّن غيمة في سماء جدة لتشارك في لحن الوداع، بعد أن خَطتْ أقدام المودعين باتجاه مقبرة أمنا حواء، وهي تحمل على أعناقها فقيد التربية والأدب والصحافة المرحوم بإذن الله تعالى الأستاذ محمد صادق دياب، بعد سجل حافل من الانجازات التربوية والأدبية وقصة عشق أبدية مع هذه المدينة \” جدة \” حينما شاركته قيثارة الحب وعزفت له أجمل الألحان بغناء صوت الأرض شبيه الروح، كما زادت علاقته بها حتى بعد انتقاله من أجمل أحيائها التاريخية صوب الشمال، إلاّ إنه لم يفارقه حنينها وعبق تاريخها والاستئناس بأزقتها وحوانيتها.
فمهما حاولت أن أصف ذلك المشهد وأرسم أبعاده فقد خانتني العبارة، وبقي الصمت سيد المكان فكل من حولي هم من أرباب القلم وعذب الكلام، فالكلمة بعدك لا محل لها من الإعراب كما قالها \” عبدالله سلمان \” وإذا كان الفقيد استطاع أن يجمع تلك الأطياف في حياته، بين زمالة وصداقة وصحبة أخيار في مشواره مع الأيام فقد جمعهم يوم وداعه، فهذا الرمز العصامي استطاع أن يختلج مكانه في قلوب الناس كحبات اللؤلؤ التي تحتفظ بجودتها ولمعانها في أصداف البحر وهو الخبير بكنوز البحر وأهازيج بحَّارته، وداعا أيها الأمين على رسالتك التربوية التي أعطيتها حقها من فكرك ورقي تعاملك، وداعا يا صاحب القلم الرشيق والكلمة الرَّاقصة الأنيقة كصليل الذهب التي لا يعرف ويُثمِّن قدرها إلاَّ الجواهرجية وشيوخ الصنعة الذين حضروا لوداعك، وداعا أيها الرمز والقامة التربوية والأدبية والوطنية، لهذا كان وداعك مؤثرا فالذي فقدنا إطلالته منذ زمن بعيد جاء ليودعك الوداع الأخير كما كان يتغنى شعرا قبل أسابيع قليلة متمنيا عودتك سالما لأرض الوطن فالدكتور عبدالله بن محمد الزيد بإطلالته تلك كان أوفى الأوفياء بوداعه لك لأنه عرف مكانتك.
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *