[ALIGN=LEFT][COLOR=royalblue]منى النابلسي[/COLOR][/ALIGN]

الحمد لله، لم أصب بعد بحمى الفيس بوك، فلم أهذي باسمه حتى الآن، ولم يراودني كحلم أو ككابوس؛ لكنني لا أنكر أنه يتسلل إلى دقائق يومي كما الماء، ليصبغها بالتراخي، وينسدل بلطف على نوافذي، ويشرع لي أبواب الأسئلة، التي أرغب بمناقشتها كواحدة منكم رواد الفيس بوك الكرام.
فكلما تتبعت \”حالات\” الأصدقاء الكثر، والذين لا أعرف معظمهم في دنيا الواقع تساءلت: متى تحديدا نجتاز شعرة التعقل إلى الولع الشديد باستخدام الفيس بوك؟ وماذا تعني كل \”الحالات\” التي نعلنها للجميع عن أماكن تواجدنا، وأعمالنا، ونشراتنا النفسية؟ وهل حقا لم تبق لدينا وسيلة لتبادل الصباحات، والسلامات، والمعايدات، والعزاء والتهنئة، والمشاعر الصادقة غير هذه الصفحة؟ أم هو العطش العربي الضارب في العمق للتعبير عن الذات؟ وإن كان الأمر كذلك، فهل يشكو الأحبة والأزواج من قلة الوقت، أم من انعدام الأماكن للتعبير عن مكنونات صدورهم لشركائهم، فاستبدلوا بمخادعهم الأثيرة، جدران صفحة الفيس بوك الالكترونية، يسطرون عليها عشقهم وخيبتهم، دون مراعاة لأصول الذوق أو العشرة.
ولعل ما يدهشني أكثر، هو حالة النضال الفيس بوكي التي تهيئ \”للمناضلين\” ساحة وهمية للتنفيس عن غضبهم والذي هو وقود الثورة ومفتاح التغيير، فتهدأ نفوسهم بالنقر على الأزرار، وينامون براحة ضمير، دون أن يقدموا إضافة حقيقية لنصرة قضاياهم، مؤمنين، ذاك الإيمان الذي لا يعتريه الشك بقوة \”اللايك\”؛ فيمطرون صفحتك بشعارات وصور ينخلع لها القلب، لضحايا الحروب والثورات والقمع والفقر والكوارث، مطالبينك بخبطة \”لايك\”، تعلن بها عن نصرتك لقضيتهم فتنام بدورك دون عذاب ضمير، فماذا قدمت \” خبطتك\” الكريمة؟
يقلقني هذا النوع من النضال، لأنه صار ديدننا نحن الفلسطينين مؤخرا، فهل ستحمل الكلمات المشتعلة على الجدران الالكترونية نصرنا أخيرا؟ أم أننا بانتظار جموع فلسطينية لا تقل ثباتا عن تلك التي افترشت ميدان التحرير في مصر، على إثر \”حدث\” فيس بوكي، ولكن باتجاه الأرض المحرمة على أهلها؟
بانتظار أن يحسم الأمر، سأتشارك معكم هذا المقال الفيس بوكي، أصدقائي، فاقبلوا الاحترام.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *