[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]بسام فتيني [/COLOR][/ALIGN]

طوال عمري كنت افتخر أني ابن مكة المكرمة وكنت اعتز بذلك لا سيما بأن مولدي كان بجوار البيت العتيق، اذكر بيت جدي رحمة الله عليه اذكر بناءه الأثري بحجارته وطينه ورواشينه، أذكره (بالخارجة) وصندوق (السيسم) وأذكر جدتي في (المركَب) ، أعترف بأني كنت صغيرا لكن لازالت تلك الصور عالقة بذهني واذكر أيضاً أن تلك المنطقة تعرضت للتطوير فابتعدنا قليلا واستقرينا في الحجون ولكن حنيني إلى سوق الليل كان يكبر أكثر وأكثر.
دارت الأيام كبرت وكبر إخواني وانتقلنا بعيداً بل وبعيداً جداً (لانتقال عمل والدي) حتى سكنا خارج حدود الحرم فسبحان مغير الأحوال فمن جار الحرم إلى خارج حدوده ! لله الأمر من قبل ومن بعد،
كنت صغيرا وكنت قليل العقل لأني غضبت من هدم بيت جدي ولكن كنت استرق السمع فأعلم أن كل لذلك لخدمة المسلمين لزيادة عدد الحجاج لم أكن مقتنعا بذلك لكنها حكمة الله وطاعة ولي الأمر والتي بدأت اعرفها لتقدمي من سن الطفولة إلى البلوغ،
يا الله ما أجملها من أيام لازلت اذكر من يسقني الزمزم ويبتسم وذلك الوعاء النحاسي يلمع من بعيد كلمعة طُهر القلوب في ذلك الزمان كانت العزيزية تسمى (حوض البقر) كما قيل لي، وكانت أم الجود هي أم الدود، كانت الجيرة أخوَة والمحبة بلا حدود ، كنا نطوف بالحرم ومتى أحببنا نزلنا إلى البئر ومتعنا ناظرينا إلى منظر فريد لا يتكرر وتلك الحواجز البلورية هي فقط ما يفصل بين البئر ونظرة منا.
كانت مكة شامخة رغم كل الظروف ، رغم سيل (الربوع) ورغم أزمة (جهيمان) ورغم طبيعتها الجبلية، كسرت الجبال وشُقت الأنفاق و بنيت (نويطحات للسحاب) والآن أتى وقف الملك عبد العزيز ليتوج مسيرة تطوير هائل في المنطقة المركزية لتستمر في الشموخ،
ولكن هل مكة المكرمة هي المنطقة المركزية فقط؟ هل تدني الاهتمام بباقي إحياء مكة مُنصف لأم القرى؟ بالطبع لا بل هي أحياء سكنها بعض المسؤولين ونالها كما يقولون من الطيب نصيب وحي (العوالي) شاهدٌ على ذلك.
سأكتفي بمثال واحد ونظرا لقرب موسم الحج خطر ببالي مثال وهو طريق مكة – جدة القديم ، ولا يخفى على أهل مكة (وهم الأدرى بشعابها) أن بداية هذا الطريق ينطلق من أم الجود وهي منطقة خطيرة جدا عند نزول الأمطار لأنها وكما شاهدت سابقا تتحول إلى سيل عارم لا يقل خطرا عن سيول جدة (لا أعادها الله) والسؤال هل استعدت الأجهزة المعنية لهذا الخطر المتربص؟
لا أملك الإجابة لكن كلي أمل أن تكون الجهات ذات العلاقة قد أعدت العدة للوقاية قبل وقوع الخطأ فلا يلزم أن نفقد أرواحا وننظر إليها وهي تصعد لباريها لكي ننزل بمعداتنا وطاقمنا الإنقاذي وعندها قد نستطيع النجدة وقد لا نستطيع.
هذا مالدي وأتمنى من كل مسؤول استشعار ما قد ذكرته هنا من باب محبتي لمكة وأخشى ما أخشاه أن يكون الرد على كل ماكتبته كلمة من حرفين (الحرف الأول والأخير من هذا المقال الموجز).

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *