حلم مواطن عربي مقهور
رامي الغف
عندما يكون الوطن بيتا للجميع، فعلى الجميع أن يدرك بأنه مسئول وفقاً لمصالح الوطن وليس على أساس ما تقتضيه حاجته هو شخصياً،فالشعور بالوطن والإحساس به طابع اجتماعي وروحاني يحدد خطوات الإنسان وتوجهاته ونظرته للأمور، غير أن ما قدمه لنا الكثير من السياسيين والنخب مازالوا بعيدين عن ذلك المفهوم فهم خبراء بالسياسة والاقتصاد والاجتماع والعلوم الحياتية، ولكنهم غير مسئولين بتاتا ويعملون من أجل إرضاء غرورهم وإشباع حاجاتهم وغرائزهم وأهوائهم الشخصية. وقلما كان هناك من عمل بجدية وإخلاص، والكثير مخجل من فساد وظلم وغير ذلك، وهذا يفسر لماذا هذا التكالب والتسابق على الكرسي، ولماذا تنفق الأموال الطائلة في الدعايات الانتخابية التي تكون استعراضاً للقوة قبل أن تكون عرضا للقدرات والإمكانات العلمية والعملية التي تستميل المنتخبين وتدفع بهم إلى انتخاب هذا وليس ذاك. فمن تولوا الأمور في الأوطان، تجار وسماسرة استثمروا أموالا في مشاريع سياسية هدفها الربح المؤجل وليس في خدمة شعب محروم ومظلوم.
لهذا كانت التوافقات توافقات مصالح في أغلبها وليست توافقات في الآراء والأفكار، فقبل أيام قلائل وفي مجلس اجتماعي عربي في احدى العواصم العربية دار حديث وكالمعتاد عن الأوضاع العامة في بعض البلاد وحالة اللا استقرار وارتباك المشهد السياسي والأمني وحتى الخدماتي، حتى بادر أحد الحضور وهو رجل كبير في السن له مكانته بين أهله وربعه ومجتمعه قائلا : أتعلمون أيها الإخوة عندما حصل التغيير السياسي في البلاد العربية، تفاءلت شعوب تلك البلاد خيرا، بل وراحوا يحلمون بأوضاع وخدمات قل مثيلها في المنطقة لا بل في العالم بأسره ولم يكن ذلك الحلم ناتجا من فراغ وإنما من خيرات مستقرة ونائمة في أراضي الخير والعطاء في تلك البلاد، وما تحتاجه هم اناس خيرون صادقين في النوايا لاستخراج تلك الخيرات وتوزيعها على ابناء شعوبهم المحرومين والمظلومين والمقهورين على أمرهم، من سياسيات تجار الشعارات الرنانة. حتى بات الضجر والملل واليأس والإحباط هو السمة اليوم لدى تلك الشعوب بعد ان كان الصبر والأمل بغد أفضل هي السمة الغالبة لديهم خلال السنوات الماضية، والسبب هو واقع سياسيهم وقادتهم وتوضح النوايا لديهم وانكشاف المستور من تلك النوايا .هل تعلمون أن أغلب أبناء شعوبنا العربية اليوم أحلامهم بسيطة ولا تتعدى الحدود المعقولة فمثلا لا تتعدى أحلام رب الأسرة أكثر من بيت أو شقة صغيرة تؤويه مع أسرته من حر الصيف وبرد الشتاء، ووسيلة تنقل يتمكن من خلالها ترفيه أسرته في أوقات المناسبات السعيدة إن وجدت , وأحلام شبابنا وطلائعنا وشاباتنا اليوم لا تتعدى الحصول على فرصة في بناء مستقبلهم وبناء أسرة جديدة لهم، وغيرها من الأحلام البسيطة التي يحلم بها أبناء الشعب العربي، والتي تبددت بسبب تكشف النوايا لدى متنفذيهم ومختطي سياستهم فأين أصبحت تلك الأحلام العربية \”إنها في مهب الرياح\” فهناك وراء الكواليس تعيش الأمراض الفتاكة التي أهلكت العديد من شعوب العرب حرثاً ونسلاً وطافت عليه كما يطوف الموت بصرعى حرب ضروس.
التصنيف: