سكينة المشيخص

بصرف النظر عن المعايير التي نالت بها الناشطة اليمنية توكل عبد السلام خالد كرمان جائزة نوبل للسلام للعام 2011م، فإنها مطالبة بما هو أكثر من الفرح بهذه الجائزة، لأن الحالة في بلادها رغم توقيع الرئيس علي عبد الله صالح على المبادرة الخليجية التي تنتهي بتنحيه حسب مطالب الثورة، ليس عنوانها البارز هو السلام، بل هو آخر حصيلة الحراك الثوري لأن البلاد حاليا موزعة بين استحواذ القاعدة والمعارضة والحكومة فيما لا يزال الثوار يغرقون الشوارع بالأمواج البشرية والهتافات والمطالبة بمحاكمة الرئيس صالح.
قد يكون للثوار الحق في المطالبة بالمحاكمة ولكن الفعل الانتقامي يجهض مبادئ الثورة ويعزز الأحقاد وهنا يأتي دور أمثال كرمان، فاستحقاق نوبل للسلام ينبغي أن يطوره المرء، لأن المعايير ليست بالضرورة موضوعية الى الحد الكافي، وإلا كان الأجدر بهذه الجائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الداعم الرئيسي للمبادرة وغيرها في سوريا ودارفور والسودان وتشاد وغير ذلك من مناطق العالم، والفكرة كما قالها زعيم تركيا كمال اتاتورك رغم علمانيته الغليظة \”سلام في الوطن، سلام في كل الدنيا\”.
على كرمان أن تؤكد جدارتها بجائزة السلام من خلال العمل في السلام الداخلي والسمو على الأحقاد التي لا تبني وطنا وإنما تهدمه، فهي أصبحت شهيرة وصاحبة كاريزما يجب أن توظفها لصالح السلام في وطنها، وليس العودة للهتاف والتظاهر والاحتجاج، فقد حسمت المبادرة الخليجية الأوضاع على الأرض، وليس بالضرورة أن تتحقق كل مطالب الثورة بعد رحيل الرئيس، لأنها إذا استجابت لنزعة الانتقام فإنها لن تجد وطنا تبشر فيه بالسلام أو تغرس فيه بذرته.
لكرمان واجبات ينبغي ألا تضللها عنها اختيار مجلة التايم الأمريكية لها كأكثر النساء ثورية في التاريخ أو تصنيفها ضمن أقوى 500 شخصية على مستوى العالم، أو اختيارها في المركز الاول ضمن قائمة افضل 100 مفكر في العالم، ذلك يزول بزوال المؤثر، وإنما التالي أن تبحث عن السلام وسط معطيات مضطربة لو أوصلتها لمحاكمة الرئيس فستجد أن تنظيم القاعدة ابتلع نصف بلادها وحينها لن تجد من يسمع حديثها عن السلام.
يجب أن تتحلى كرمان برؤية أوسع لاستيعاب الرأي الآخر خاصة وأنها صحفية وحقوقية تعي قيمة ذلك، وقد كانت لها سقطة غير مبررة تكشف عن جانب سلبي لا يستقيم مع ما أصبحت عليه وذلك حين رفضت مؤخرا وجود ضيف آخر معها عبر قناة العربية، ونزعت على الهواء مباشرة المايكروفون، وذلك مؤشر غير صحي أبدا لاحترامها للآخرين وما يمكن أن تقدمه لمن يختلفون معها.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *