فعاليات انسانية عميقة المعنى والدلالة والأثر انتظمت في كافة مناطق المملكة، وهي أسبوع النزيل الخليجي الموحد .. وضمن الجهود الكبيرة لهيئة حقوق الإنسان، وفي خطوة جديدة للأمام ، افتتح رئيسها معالي الدكتور بندر بن محمد العيبان قبل أيام ورشة عمل حيوية بعنوان (نحو رؤية وطنية لتعليم حقوق الإنسان في المملكة) مؤكدا على جهود المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله- في حماية وتعزيز حقوق الإنسان ، كما شدد على اهمية دور المدرسة في تشكيل شخصية الطفل واكتسابه للمهارات السلوكية والتربوية إضافة للتعليم.
حقوق الانسان تستحق اهتماما وحضورا مستمرا لمعانيها وثقافتها ، واستكمالا لمقال الأسبوع الماضي ، أقول إن الله تعالى كرّم الانسان بأعظم صور التكريم، وكفلت الشريعة السمحاء الحقوق لحماية الأنفس وصون الأرواح بتطبيق الحدود وردع المفسدين في الأرض ، وتحريم الإيذاء والعنف وعدم الإضرار بالغير قولا وسلوكا ، وذلك في نصوص كثيرة ، منها قوله تعالى (ياأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم) وياهول التجريح والعنف اللفظي والإشاعات والاتهامات التي باتت اليكترونية ليشعلوا نار الضغائن والفتن ، والنميمة التي يتنفسها البعض كالهواء. ورغم التحريم لتلك الآفات نجدها لا تتوقف ، ولا العنف الأسري خاصة ضد المرأة والأطفال ، وحالات العنف المدرسي وكذلك العنف الاجتماعي وجرائم القتل وغير ذلك.
(الحقوق والواجبات) كفتان متساويتان لميزان الحياة ، لكن العالم يعيش حضارة مادية طاغية وموحشة ، وأصبحت الماديات ميزانا للبشر وقدرهم على حساب الحقوق وميزان القيم، ولسنا هنا بصدد توصيف العنف كظاهرة أو دون ذلك وتشريحه تحت المجهر ، وإنما أنبه إلى خطورة النتائج السلبية لغياب ثقافة حقوق الإنسان في عقلية الفرد وأخلاقه.
لدينا أجهزة أمنية محترمة ساهرة على حماية المجتمع وقضاء عادل ، وهيئة وجمعية لحقوق الإنسان لهما جهود مقدرة ، وجميعها تدرك يقينا أن المعالجة اللاحقة لنتائج العنف والظلم والتعدي تستهدف تحقيق العدالة، وأن (الوقاية خير من العلاج) من خلال الوعي الفردي والجماعي بحقوق الانسان تعليما وثقافة، وتطبيقا في البيت والمدرسة والعمل، وعندها يدرك كل فرد ما له وما عليه في بناء المجتمع والمحافظة عليه، وهنا تتحقق مقاصد تشريعات الدولة.
أعيد ما ذكرته من قبل بأن حقوق الإنسان لا تعني فهمها بمنظور معايير غربية ، بعضها شاطح ومدمر حتى لحقوق وكرامة الانسان ، ويتعارض مع شريعتنا وقيمنا وتوافقنا الاجتماعي ، وإنما أعني صون الحقوق المتبادلة في علاقات ومعاملات الناس ،صغارا وكبارا ،مسؤولين وموظفين وعاملين ومراجعين ، أزواج وزوجات وأبناء وبنات ، إنه حق الكرامة ، والحوار الحضاري والاختلاف المتحضر الذي لا يقصي الآخر. وفي الماضي تجلت حقوق الإنسان في كل شيء ، لأنها كانت نابعة من تعظيم التقوى في النفس فانصهرت قيم الفرد لصالح المجتمع ، وسادت معاني الأدب والعيب والنخوة ، ومقياس كل ذلك تعاليم الحلال والحرام في الأقوال والأفعال فكانت بذلك (مكارم الأخلاق) اقتداء بالحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وهي قمة الانسانية.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *