[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]فهد بن محمد علي الغزاوي[/COLOR][/ALIGN]

نحن كتربويين نعرف أن الحدث المنحرف فقد الرعاية النفسية والتربوية التي يقوم بها المنزل السويّ والأسرة السويّة. وذلك لعدم وجودها أصلاً في حياته. أو فقدانها للأهلية للقيام بمسئولياتها فكان على المجتمع ممثلاً في الدولة أن تقوم بعملية التربية والتهذيب والإصلاح عن طريق فريق من الموجهين التربويين والمرشدين النفسيين والأخصائيين الاجتماعيين لتحقيق متطلبات الحياة.
ويقيم في هذه الدور الأحداث المنحرفون الذين عجزت الوسائل العاديّة والأسريّة عن مواجهة مشاكلهم. وكُلُّنا يعرف أن هذه الفئة من المنحرفين لا يقل عمر النزيل فيها عن التاسعة أو العاشرة. كما أننا ندعو إلى عدم اللجوء إلى هذه الدور إلا في الظروف التي أصبح العلاج والإصلاح غير ممكناً في البيت أو المدرسة. وفشل جميع طُرق ووسائل الترغيب والترهيب في الإصلاح والتربية والتهذيب. وهذه الفئة تمثل الجانحين والخارجين عن القانون والذين تصدعت أسرهم، ولذلك فهم يقيمون في الدار حتى تنتهي فترة العقوبة والإصلاح.
كما أن الحدث يعيشُ فترة نمو سريع وتنطبق عليه ما تكتنف المراهق من مظاهر وتغيرات جسمية وحركية وعقلية وانفعالية. لذا فإن الحدث المنحرف يقوم بأعمال وأشكالٍ من السلوك المكروه والمنبوذ والمذموم مثل ترك الدراسة دون علم وليّ الأمر والتشرُّد في الشوارع والفساد والسرقات البدائية من المحلات التجارية والتخريب المادي وتعاطي الدخان أو المخدرات والتمرد على الكبار وإيذاء الصغار. وهناك من الأحداث ما نُسميهم بالماكرين الذين لا يتركون أثراً لسرقاتهم أو جنحاً لأعمالهم أو جناية. رغم أنهم لم يبلغوا السن النظامية التي يخضعون بموجبها للعقوبات المشددة أو الإجراءات المعتادة مع كبار السن. والمُفجِعُ في الأمر أن هذه الموجة الانحرافية قد وصلت إلى بعض الفتيات وإن كانت نسبتها لا تزال ضعيفة فهي تحتاج منّا إلى مقاومتها ومكافحتها في المهد. كما أننا نعرف أن نسبة الأحداث تختلف من بلدٍ لآخر كما يختلف سن الحدث ومسميات الدور. ندعو لعدم إهمال الحدث لأن في إهماله خطرٌ على نفسه ومجتمعه. ففي دور الملاحظة يجب إخضاع الحدث للمراقبة المكثفة فالنزيل لا بُد أن يحال إلى هذه الدور من منطلق قضائي عادل يخضعُ لحكم زمني معيَّن وفق إجراءات القضاء. فالسجن أو الحبس نوعٌ من عقوبة جزائية لجناية قام بها الحدث لمدة يُقررها النظام. كما أنه نوعٌ من تقييد الحريّة، وقد يقترن بأعمال أخرى ينصّ عليها قرار الاتهام. ورد في قصة يُوسف عليه السلام (قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءاً إلا أن يسجن أو عذابٌ أليم). فالسجنُ فيه حجز للحرية الشخصية للفرد بعيداً عن أفراد المجتمع وذلك لأنه قد أساء استخدام حريته حين اعتدى على أفراد جماعته ونظامها. فالجزاءُ هنا من جنس العمل. وقد طالعنا تقرير حقوق الإنسان في بلادنا العزيزة عن دور الملاحظة بعددٍ من السلبيات والمآخذ المُحزنة والتي كان من بينها السجن الانفرادي والضرب وتقديم وجباتٍ غذائية لا تليقُ بإنسان؟ فنحنُ كمجتمع وأفراد نرفضُ العنف بكافة أشكاله وأنواعه وفئاته فالضربُ ليس وسيلة في حد ذاته بقدر ما هو مثّبط للنفس والكرامة ويجعلُ الفرد يتسم بعدم المبالاة والمسئولية فيما يرتكبه من أخطاء في حق الغير. ونُطالب معالي وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور العثيمين.. بتحسين وضع دُور الملاحظة في هذه البلاد العزيزة ووضع برامج من شأنها إشعار الحدث بكرامته ورفع معنوياته وتكثيف الرعاية عن طريق الاختصاصيين من المشرفين الاجتماعيين والأخصائيين النفسيين والموجهين التربويين، مع مطالبتنا لمعاليه بإنشاء دُور ملاحظة جديدة تتناسب مع ما تعيشُه بلادنا العزيزة من تقدم وريادة في جميع الميادين والمرافق العامة تتوفر في هذه الدور الأنشطة الرياضية والاجتماعية والثقافية والسباحة والملاعِب والحدائق. كما نطالب بأن تنفتح هذه الفئة على المجتمع بعد قضاء فترة الإصلاح. ودعوة المختصين والمفكرين والرواد لإلقاء عدد من المحاضرات التوعوية والجُلوس مع هذه الفئة وإشعارهم بوجودهم وبمواطنتهم وبدورهم في المجتمع، فكلما انفتح الحدث على المجتمع استطاع أن يقف على نتائج أعماله التي أوصلته لهذا المكان. أما الوجبات الغذائية الغير مناسبة فنؤكد لمعالي الوزير العثيمين – سلمه الله – بأن يقف شخصياً على سوء التغذية في هذه الدور، فهم أمانة في أعناق المسئولين والمجتمع وما يُقدمُ لهم لا يتناسب مع مرحلة النمو السريع لأجسامهم التي يعيشها الحدث والتي تتطلب منه وجبات غذائية متكاملة العناصر والسعرات الحرارية لأهمية الغذاء المناسب للمراهق فبلادنا العزيزة تحظى بدعم المسئولين وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وفقه الله . فكيف نطلب من الحدث أن يعود لحياة المجتمع والمجتمع غافلٌ عنه ولا يُقدمُ له أولويات الاهتمام والرعاية.
وصفوة القول التربوي: (افتح مدرسة أو مصنعاً تُغلق سجناً) أو (تُصبح دور الملاحظة مجمع المجرمين يُعلِّم بعضهم بعضاً). فالدعوة للإصلاح عمرها لم تكن بالإيذاء أو الضرب أو الإهانة أو إهدار كرامة النزيل وحتّى لا نفقد هؤلاء لا بد أن نسأل أنفسنا: هل تستحق هذه الفئة أن تنال منا الرعاية والاهتمام؟ الأمر متروك لوزارة الشؤون الاجتماعية.
يقول الشاعر:
ثَبَتَْت على حفظ الحقوق قلوبنا
إن الوفاء سجيّة الأحرار

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *