[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد بشير علي كردي[/COLOR][/ALIGN]

تحاول رشا فهم ما يجري في العالم العربي هذه الأيام، وخاصة في مصر. تقول إنها، ووالديها، يرون في طبيعة المواطن المصري الاستسلام للواقع، والقبول بما تجري عليه الأمور على أنه قضاء وقدر، ولحكمة لا يعرف كنهها إلا الله، فهم لم يسمعوا ، ولم يشاهدوا على الفضائيات في السابق مثل ما تنقله هذه الأيام من خروج جماهير الشباب إلى الشارع بتجمعات بشرية، هائجة وناقمة.
سبق لوالدها، كما يذكر، خروج الشعب المصري بأم أبيه إلى الشارع، مرة عندما أعلن الرئيس جمال عبد الناصر تحمله مسؤولية هزيمة 1967 ، ومثلها لتوديعه الوداع الأخير، كما شاهد انتفاضة الخبز يومي 18 – 19 يناير1977 التي هدأت فور إلغاء ما صدر من قرارات تسببت في رفع الأسعار. في هذه المرة الوضع مختلف تماما، فهو أشبه ما يكون بخروج مارد من قمقمه، كالمارد الذي كانت الجدة تحدثنا عنه أيام طفولتنا وتدعي أن له الكثير من القدرات تمكنه من تلبية كل ما يطلب منه، كرد جميل على الحرية التي حصل عليها بعد حبسه في القمم لمئات السنين.
والد رشا منزعج من ظاهرة السلب والنهب التي قام بها نفر من ذوي النفوس الضعيفة، وقد يكون اندفاع بعضهم بداعي الجوع والفاقة والحرمان. فمنذ اتفاقية السلام مع مغتصب فلسطين وغالبية المواطنين المصريين يعانون من الغلاء والبطالة والفقر ، ومن حرمانهم من الخدمات العامة، أو بالأصح ، من انعدام البنية التحتية لمدنهم وقراهم، في وقت نمت فيه طبقة مترفة من لمنتفعين، فاختفت الطبقة الوسطى، وتوسعت قاعدة الفقراء، وبعضهم نزل تحت خط الفقر.
وتقول والدة رشا بأن مصر تعودت، ومنذ فجر التاريخ، على تقديم قربان للنيل ليأتي لهم بالخير والرزق الوفير، وأنها ترى في الأبرياء الذين فقدوا حياتهم خلال موجة فوران الشارع المصري هذه الأيام، قربان مصر للنيل لينجو النهر الخالد مما يُخطط له الصهاينة مع دول المنبع والمسار ليعاد توزيع الحصص، فتنخفض حصة مصر من مياه النيل في وقت يزداد عدد سكانها وتزداد حاجتها للمياه، وأن من يرغب في زيادة حصته من الماء أن يبادر لشرائها من شركة تدار بعملاء الصهاينة، وبهذا على الفلاح المصري دفع ثمن لكل لتر ماء يحتاجه لتأمين قوت يومه.
تتوقف رشا عن الدردشة لتتابع ما تبثه الفضائيات عن تطور الأحداث بعد تعيين الرئيس مبارك لنائب له، وتكليف واحد من زملاء السلاح بتشكيل وزارة جديدة ، والجماهير تواصل احتجاجاتها حتى يتم التوصل لحلول تعيد الاستقرار والتغيير في\” أم الدنيا \” .
وكان مسك ختام هذا اللقاء هو الدعاء بأن يحفظ الله مصر من كل مكروه ولو كره الصهاينة ومن ورائهم .

مدريد

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *