حضارة لا إله إلا الله .. وتحرير الإنسان
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبد الحميد سعيد الدرهلي[/COLOR][/ALIGN]
يعرف التحضر، في ابسط صوره ،بأنه الارتقاء بالانسان من حالة التوحش والبداوة والجهل إلى ماهو افضل وذلك بالتلعيم والتهذيب والعيش في نظام اجتماعي قادر على تيسير الحياة وتطويرها.وقرأت كتاب \”الحضارة العربية، الحاجة أم الحضارات الانسانية، وذلك ان النفس البشرية فطرت على شوق لاحد له الى الرفاهية والسيطرة والجمال والحق/ وهذه الغايات هي الأهداف الاخيرة لكل طموح انساني، والسعي إليها هو العلة الجوهرية في ارتقاء الانسانية.
لنقرأ جيداً قول الحق لنعلم كيف يدعو الله الانسان – كل انسان سواء أكان : رجلا او امرأة ، متحضرا مغرورا او متخلفا لايدري من امر دنياه شيئا .. يدعوه ليتعامل معه – سبحانه – مباشرة وذلك على هدى منهجه ، فيقول مخاطبا نبيه : \”كذلك اوحينا إليك روحا من امرنا، ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا\” \”الشورى: 52\”
آنذاك يضع الانسان عن كاهله اثقالا كاذبة ، تتمثل في معتقدات خاطئة ، وخوف من قوى لا وجود لها، ويفك اساره واغلاله التي قيدته بها تقاليد زائفة ، فينطلق نحو التقدم في الحياة ، ويعمل من اجل تخفيف آلامها والاستمتاع بها وفق منهج الله ، فيحقق لنفسه ولغيره الخير والامن في الدنيا والآخرة.
حضارة الاسلام – إذن – هي حضارة لا إله الا الله ، لأنها تعلم الانسان الحق والخير والجمال ، وتدعوه الى التفكر والبحث والدراسة والابداع ، وتجعل تخفيف اعباء الحياة وتوفير المتاع عبادة مثل سائر العبادات.
تقول العالمة الالمانية الدكتورة سيفر يدهونكه عن حضارة الاسلام التي قامت على لا اله الا الله، كما علم بذلك محمد رسول الله : \”لو اوصى محمد كل مؤمن ، رجلا كان او امرأة بطلب العلم ، وجعل ذلك واجبا دينيا، فهو الذي يقول للمؤمنين: \”اطلبوا العلم من المهد الى اللحد\”، ويرشد اتباعه دائما الى هذا ، فيخبرهم بأن ثواب التعلم كثواب الصيام وثواب تعليمه كثواب الصلاة.
كانت الاحتكاكات بين الآراء المختلفة منحت الحركة الفكرية حيوية دائمة، وحمت الاسلام من الجمود واجبرته على ان يسلح نفسه علميا ، وان يتطور بالقوى العقلية وينهض بها من سباتها ،وساعده على ذلك المطالب العديدة المنبثقة من شعائر الدين او من الحياة اليومية للشعوب.
واجبات عديدة ومسؤوليات جسيمة : فمعالجة المرض ضرورية ، وحماية الملايين من سكان المدن الكبيرة من الاوبئة ، وامدادهم بالدواء الناجع يتطلب ابحاثا علمية دقيقة، وادخلتهم حاجات تلك الملايين في عالم الحيوان والنبات ليدرسوه ، وينهضوا به ، فنظم ري الارض ومسحها ، ورصدت الكواكب وحركاتها، ونظمت الرحلات ، واخذ كل شيء مكانه وزمنه اللازم له.
ففي كل حقل من حقول الحياة صار الشعار للجميع: \”تعلم وزد معارفك قدرا امكانك واينما استطعت ، وبأقدام ثابتة ونفوس مطمئنة، تعرف حقها وتؤدي واجبها، اقبل العرب على ما وجدوا من معارف ، فاغترفوا منها قدر جهدهم ، وما ورأوا فيها نفعاً لهم.
لقد ذاقوا حلاوة العلم فأزداد شوقهم الى البحث عنه، ولم يعودوا يرضون بغير العلم والبحث بديلا. وبدأ نوع فريد في التاريخ من طرق الكشف عن كنوز المعرفة، خصصت له البعثات الضخمة والاموال الطائلة، بل استخدمت لأجله الوسائل الدبلوماسية،وخدمته سياسة الدولة الخارجية.
ان اشياء كثيرة لايزال على الغرب ان يتعلمها من الحضارة الاسلامية، منها نظرة العرب المتسامحة وعدم تمييزهم فروق الدين والعرق واللون.
لقد ظل الناس في فرنسا والبلدان المجاورة لها، اجيالا طويلة ، وهم لايفكرون إلا في عظمة الفكر الاسلامي، وفي قوة المسلمين واتساع آفاق فتوحاتهم، كان المسلمون، اجيالا طويلة ، في طليعة قافلة الحضارة في العالم..
مدير عام وزارة التخلطيط / متقاعد
فاكس: 6658393
التصنيف: