حسين سجيني.. الصوت الحجازي
د. زاهر عبد الرحمن عثمان
كانت بيننا مسافة من العمر فصلت ما بيننا. وكنت أراه بين حين وحين في اجتماعات الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض حيث كان أحد أعضائها بصفته وكيلا لوزارة التخطيط. ولم يكن يمل من المشاركة باقتراح أو رأي معتمدا على ما بدا لي، من مخزون خبرة عملية كبير، ثم وجدت فيما بعد أنه بالإضافة إلى ذلك هو رصيد ثقافة واسعة عجبت أن كان للتاريخ والأدب فيه نصيب كبير. كان صوته الجهوري مثارا شد الأسماع.. وكانت لكنته المغرقة في \”المكاوية\” مثارا لفت الانتباه. لم يكن يتصنعها ولم يستطع التخلص منها حتى في قراءته بالفصحى، وأصبحت تلك علامة من علاماته.. كانت محط تقدير البعض وتساؤلات من مبهمين.
أرادت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض المشاركة في الخطة الخمسية للدولة بتقديم فصل عن مدينة الرياض. وكانت حيال ذلك التوجه آراء اعتمد بعضها على تفسيرات خاصة للأنظمة واعتمد الآخر على أهواء. واجتمعت معظم الآراء على عدم قانونية مشاركة الهيئة باعتبار تبعيتها لوزارة الشؤون البلدية القروية، وهو ما كانت الهيئة ترى أنه ليس دقيقا. وتفهم حسين سجيني الذي كانت كلمة \”الأستاذ\” تكفي للدلالة عليه في ردهات الوزارة، موقف الهيئة ودعمه بحماس بيِّن. وابتدأ العمل بمعونة الكثيرين ممن وجههم وبمتابعته الشخصية حتى اكتمل تقرير الهيئة، وأصبح يحتل مكانا في الخطة الخمسية للدولة.
كبرت واقتربت المسافة الزمنية بيننا.. وأظنه تجاوز النظر إلي شابا مبتديء الخبرة، وأصبح من الممكن تجاذب بعض الحديث معه. وكانت مفاجأتي انه يحفظ الكثير من الشعر وأن له حسا إنسانيا وبديهة حاضرة لم تمكِّن العلاقة الرسمية من المزيد منها. وما ذكرت عنه هو من القليل الذي أعرفه عن حسين سجيني الذي ابتدأت يومي بالأسف على فقده منتقلا إلى خير جوار في خير دار. ورأيت أن من أقل الواجب لشخصية خدمت طويلا أن نذكر عنها بعض ما تستحق، وأحسب أنه يستحق كثيرا.رحمه الله ورحمنا.
التصنيف: