حرب الطلاق ونتائجها على الأبناء
إحدى الثغرات الخطيرة في تنشئة الأجيال القادمة في مجتمعنا هو نشوء أطفال المطلقين والمطلقات لما يعانونه من خلال الحرب الدائرة بين الأب والأم ولايدركون أنهم ( أي الأطفال) هم وقود هذه الحرب الدائرة وأنهم سلاح يستخدمه أحد الطرفين للضغط أو لإذلال الطرف الآخر أو للإنتقام في أغلب الأحيان دون مراعاة أو تفكير من قبل الأب والأم مدى تأثير ذلك الصراع على نفسية أبنائهم الذين تترسب في نفوسهم وشخصياتهم وقراراتهم المستقبلية.
ونقول ومن الطبيعي يعتبر نشوء الأبناء بين يدي والديهم هو التربية المثالية والمستقرة مهما كانت بين الأب والأم من مشاكل وخلافات ولكن بعد الطلاق والانفصال يصبح الأبناء وحياتهم واستقرارهم هو السلاح الذي يشهره أحد الوالدين بوجه الآخر فيكون الأولاد قد تمّ زجهم في أتون معركة لا ناقة لهم فيها ولاجمل وهم من يدفعون الثمن الأكبر وهناك خاسر آخر وهو الأم المغلوب على أمرها حتى لو أنصفها القضاء بعد شهور ووقوف في المحاكم تتكبدها بين خيبة وفشل في خراب بيتها وتشريد أطفالها حتى تبدأ المعاناة الكبرى وهي تعنت الأب في تنفيذ الحكم والتحايل عليه ومماطلة في رؤية أبنائها بحجج واهية كاذبة الهدف منها الانتقام ولا رادع يردعه لأنه يتحايل على الحكم القضائي بتغيير مكان السكن تارة أو بالسفر إلى مدينة أخرى.
وهناك الغالبية من الأمهات المطلقات من ذوات الدخل المحدود يعانين أشد المعاناة في تدبير مصاريف أبنائهن..والأب في واد آخر وإن سألته يقول : أنا أدفع المبلغ الذي حددته المحكمة وملتزم به ….يقول هذا وكأنهم ليسوا أبناءه أو كأنه يحسن إليهم والهدف من وراء تصرفه هذا هو أن يزيد من معاناة أمهم المسكينة ضارباً عرض الحائط بمتطلبات أولاده والمستجدات اليومية في حياتهم.
وأما في موضوع سن الحضانة فإن القانون يقول من حق الأم الحضانة للبنت حتى تستقل البنت بنفسها والولد حتى يبلغ سن السابعة أو العاشرة فتنتقل الحضانة إلى الأب دون دراسة وضع الأب هل هو متواجد في نفس البلد أم لا ؟ أو متزوج من امرأة أخرى سوف تذيق أبناء الأولى العذاب والمرارة ؟ هل هو مدمن مسكرات أو مخدرات ؟ أو لديه مشاكل أخلاقية أم لا؟ …
نحن لدينا قوانين عادلة ولكن تطبيقها يخلو من روح القانون وإن كثرة القضايا المطروحة في محاكم الأحوال الشخصية يتطلب من القضاة سرعة الإنجاز دون النظر في تفاصيل روح القانون وتداعياته على الأطفال خاصة وعدم اكتراث للجانب النفسي للأطفال الذين هم ضحية معركة لاذنب لهم فيها وهنا أهيب بوزارة الشؤون الاجتماعية لتخفيف العبء على محاكم الأحوال الشخصية بايجاد الكوادر المؤهلة من الأخصائيين النفسيين من خلال دور رعاية يتم إنشاؤها ويكون دورها مستمدا بتوجيه من محاكم الأحوال الشخصية لدراسة وضع الأم ووضع الأب بشكل محايد ثم إرجاع الملف للقاضي ليحكم من خلال هذه الرؤية الطبيعية والواقعية على من يستحق الحضانة من الأب أو الأم ومن هو أصلح لهما ومن يكون الأطفال في أمان أكثر منهما.
إن ارتفاع نسبة الطلاق أصبح مخيفاً فهناك حالة طلاق واحدة من بين كل ثلاث حالات زواج أي بنسبة تفوق 33% وهذا مؤشر خطير على تنشئة هؤلاء الأطفال الذين يمثلون ثلث الجيل القادم وهذا يعني بأننا سوف نحصل على جيل ثلثه معقد نفسياً أو مهزوز الشخصية أو حاقد على الآخرين الذين نشأوا في بيئة طبيعية وكل هذه تنعكس سلباً على أدائه المدرسي فإما أن يكون فاشلاً أو يكون لديه تقصير كبير في تحصيله العلمي لأن فكره مشوش ومعاناته أكبر من قدرة احتماله والتفكك الأسري أوجد جواً من عدم الرقابة والمتابعة وخاصة في السنين الأولى من حياتهم وأما في سنين المراهقة فالخطر أكبر وقد يكون فادحاً.
يجب أن نضع نصب أعيننا مصلحة الأطفال بانتاج برامج توعية أسرية يتم فيها عرض لكل سلبيات الطلاق وآثاره المدمرة على الأطفال.
وأيضاً اقترح رفع سن الحضانة إلى 15 سنة للجنسين لأنهم في هذه السن يكون وعيهم وإدراكهم قد اكتمل تقريباً ومن خلال تجاربهم أثناء الطلاق في الزيارات بين الأب أو الأم فنترك لهم الخيار أين يقيمون مع الأب أو الأم فهم أدرى بأمانهم واستقرارهم ويكون للطرف الآخر حق الزيارة.
التصنيف: