حرب الشوارع العربية

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. رؤوفة حسن [/COLOR][/ALIGN]

نقلت وسائل الاعلام اليمنية خلال الأسبوع الماضي انباء موت 44 شخصا أغلبهم من النساء والأطفال والشباب من عائلتين في منطقتين مختلفتين في اليمن. نتج الموت عن حادثتي سيارات أدت الى القضاء على كل الركاب المزدحمين في السيارة وفي مناطق وعرة خلال موسم المطر.
وبالرغم من أن الخبر تكرر نشره في عدد من الصحف لكن الأمر لم يتجاوز ذلك في التغطيات للحادث، وبحسب رأي الزميل نبيل الصوفي لم يعتقد أحد أن الخبر يستحق التحويل الى قضية رأي عام يمكن لها تطوير انظمة المرور وتطبيقاته، ويمكن لها اصلاح حالة الطرق والتنبه لها، كما يمكن لها أن تضمن الحالة الميكانيكية للسيارات وتناقش قطع الغيار المزيفة الرخيصة التي يضعها عمال الورش للزبائن المعسرين.
وقد حاولت أن اقرأ قليلا عن الارقام لحوادث المرور، وافزعتني النتيجة القائلة ان العالم العربي هو الذي يتصدر في حوادث المرور عن اي منطقة في العالم. بل كان غريبا ان أجد بلدانا عربية وعلى رأسها المملكة السعودية تزيد حوادث المرور فيها بما يمثل عشرة اضعاف مثلها في بريطانيا أو امريكا.
وتضع التقارير العربية عن حوادث المرور ثلاثة اسباب رئيسة لهذه الحوادث، أولها الانسان وخاصة صغار السن والمراهقين، وثانيها حالة المركبات ومدى سلامة كل متعلقات الأمان بها، وثالثها البيئة المحيطة بما في ذلك طول المسافات بين المدن وارتفاع درجة الحرارة التي تؤثر على الحالة الصحية والنفسية للسائقين في المسافات الطويلة.
ثقافة الشارع :
لكن مالفت نظري هو بعض الدراسات التي تعرضت للبعد الثقافي للموضوع، هذا البعد الذي ينساه المحللون في كثير من الأوقات بالرغم من الدور الأساسي الذي يلعبه. فثقافة الشارع هي التي تحدد العلاقة مع السيارات ووسائل المواصلات المختلفة، هذه الثقافة هي ايضا التي تنتج انماط السلوك وطرق التعامل مع المارة ومع قائدي المركبات، ومع الانظمة التي ترتبط بسير وحركة هذه المركبات.
والموت الناتج عن حوادث السيارات والذي يفوق عدد الموتى بسبب الكوارث الطبيعية او بسبب الحروب في منطقتنا، لايحظى ولو بجزء صغير من التغطية الاعلامية والتفاعل المجتمعي والسياسي الذي تحظى به حوادث الارهاب مثلا.
ذلك ان وسائل الاعلام هي نفسها امتداد وانعكاس للثقافة السائدة. فقيادة سيارة لاينظر له كمهارة يجب إتقانها والحذر في استخدامها ومراقبة المخاطر التي تنتج عن اي سوء للاستعمال فيها، بل ينظر اليه انه حدث مرتبط بتوفر الامكانيات المالية لاصحاب السيارات تتحدد درجاتهم ومستوياتهم بحسب اثمانها وموديلاتها وتجدد موضتها.
وتشكل القيادة للسيارات من قبل موظفين باعتبارها مهنة منخفضة المستوى تخص شريحة من الناس هي الواقعة في مساحة القرب من الوقوع في الفقر. ولا يشترط في اصحابها سوى الإلمام الكافي بتحريكها. وثقافة هؤلاء المحدودة هي التي تحدد الثقافة السائدة للقيادة في الشوارع العربية.
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *