[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]انس الدريني[/COLOR][/ALIGN]

لا تستقيم الحياة دونما اتزان والاتزان لا يتحقق إلا بالوعي والالتزام التاميّن .. فأنت عندما تعرف حقوقك جيدا وتلتزم بالأنظمة والتشريعات التي تشكل هوية المجتمع دينيا وعرفيا تكون قد أحدثت توازناً ذاتيا يجعلك تسير بأمان دونما صدام مع الآخرين. وتباعا لذلك جاءت مؤسسات الدولة بشقيها العام والخاص تحقيقا للدور التنظيمي لشؤون المجتمع ، وما جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا واحد من أجهزة الدولة والذي ينطلق من تشريع ديني سامٍ يحث على الفضيلة ويشيع ثقافة النصح والمصالحة والبر وينهى عن الفواحش والمنكرات .
وبالإشارة إلى جهود وأعمال رجال الهيئة دعونا نتفق أولاً بما لا يدعو للشك بأن للهيئة بالغ الأثر في الحفاظ على أخلاقيات وسلوكيات المجتمع وان لها جهوداً مميزة في القبض على السحرة والمشعوذين واكتشاف أوكار الرذيلة ومصانع الخمور وغيرها من الأعمال الإصلاحية الهامة وحتماً من ينكر هذه الحقيقة جاحدُ يغالط نفسه ، ثم دعونا نقر بأنه وفي الآونة الأخيرة على وجه الخصوص كثيرا ما ارتبط اسم الهيئة ببعض المناوشات التي يثيرها المواطنون الذين يتعاملون بصورة مباشرة مع موظفيها، هذه المناوشات كانت سبباً في حساسية هذا الجهاز الرقابي الهام وذلك من حيث الاعتراض على تصرفات البعض من أفراده غير المؤهلين والتي كثيرا ما أثارت اللغط و الشوشرة.
وكأي جهاز حكومي آخر لا يخلو جهاز الهيئة من بعض الأخطاء والتصرفات الخاطئة ومن هنا وجب نقدها وتصويبها بالرأي الآخر والذي يستند على تعاليم الدين الإسلامي القائم على نبذ الشكوك والمحذر من رمي الناس من دون بيّنه جليّة وما اعتراف رئيس الهيئة الشيخ عبدالعزيز الحمين مؤخرا في عكاظ (العدد 3125) إلا خير دليل على ذلك فقد قال معاليه \”إن أخطاء رجال الهيئة محل عناية ومعالجة و أن على الهيئة أن تراجع أعمالها من وقت لآخر حتى تتحقق متطلبات العصر والاتجاه نحو التغيير الإيجابي في كافة إداراتها \” وهذه شجاعة تحمد للرئيس الحمين .. وبنظرة موضوعية نجد بأن هنالك ما يستدعي ذلك فعلا فعندما يصبح المشهد دمويا على غرار مطاردة أفراد الهيئة لشاب اشتبه بخلوته غير الشرعية لينتهي به المطاف ويقضي نحّبه في حادث مروري اليم أو أن يكون الهاجس لدى البعض منهم قائماً على التوجس والتجسس وتغليب سوء النية تحت مظلة الوصاية على خلق الله فهذا شأن خطير مؤكد انه سيقودنا إلى صراع لن تنتهي تبعاته، فالأصل في الناس أنهم وصيوّن على أنفسهم وليس ثمة من هو أحرص على ذويه من نفسه وحتى وإن وقع الخطأ فالدين أمرنا بالتثبت والتيقن والستر يقول تعالى (يا أيها اللذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )وقوله تعالى ( يأيها الذين أمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ) ولعل نظرة الحمين الإيجابية لمجريات الآمور جعلته يؤكد ما نطالب به دوماً نحو أهمية استحداث دورات تدريبية وورش عمل في سبيل تضييق الفجوة مابين المجتمع وهذا الجهاز الرقابي الهام وكلنا أمل في أن يتحقق هذا المطلب في أسرع وقت ممكن ..
بقي أن أقول إن الالتزام الواعي والمعرفة التامة بحدود وتشريعات أي مجتمع كان ستجعل الوصول إلى صيغة تعاونية فاعلة سهلا للغاية وهذا بطبيعة الحال لن يتحقق من دون أن يكون هناك إرشاد سوي من قبل المعنيين بتطبيق الأنظمة وهو ما سيسهم في الحفاظ على سلامة وامن المجتمع ، ولعل القصور لدينا في هذا الجانب يعد قصورا مشتركا و أكثره يلحق بأنظمة الدولة والتي وللأسف لديها خلل ملحوظ في تعريفنا بالأنظمة والقوانين العامة ،إننا لازلنا نجهل ثقافة الأنظمة والقوانين وكذلك لدينا قصور في معرفة حقوقنا وواجباتنا . إن الأمر لا يقف عند توزيع بعض المنشورات أو الدوريات إنه ابعد من ذلك هي ثقافة تغرس ومفاهيم تُدرّس لتتشرب الشعوب حب النظام .. ثم وماذا عن الخلط الذي يشوب بعض المهام،إننا لم نعد نعرف على سبيل المثال هل المخوّل بالأعمال الأمنية البحتة جهاز الهيئة والذي في الأصل يعد جهازا رقابياً أم جهاز الشرطة نحن نطالب بتحديد المهام وإجلاء صورتها ليتمكن الناس من معرفة مالهم وما عليهم ويعم الأمن والاطمئنان والجميع في سباتٍ ونبات.
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *