[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبدالرحمن ظافر الشهري[/COLOR][/ALIGN]

يتحتم على الآباء الذين يحرصون على استقلالية أطفالهم مضاعفة الجهد التربوي إبان الخماسية الأولى في حياتهم ، ليس بالأكل واللبس ونحوهما فقط ، بل بالتركيز أيضاً على غرس المفاهيم والقيم في وجدان الطفل وضميره . لا كما يقوم الكثير من الناس بتعطيل هذا الجانب بكل أسف والعمل فقط على الجانب الآخر ، فيحرصون على الغذاء الجيد والملبس الفاخر ظناً منهم أن التربية فقط هي التسمين والمظهر الجميل . فكما يجب علينا إشباع الجوع البدني علينا كذلك إشباع الجوع الوجداني والجوع الذهني . فالعقل يجوع وأشد حالات جوعه تكمن في حاجاته الفكرية المبنية على التقصي والبحث أثناء الممارسات التجريبية بين ألعابه وفي ردهات غرفته وأثناء مرافقته للنزهة أو التسوق والتي لا تخلو حتماً من المرارة والفشل والإحباط ، وهنا يجب على الوالدين أن يعوا بأن هذه المشاعر رغم مرارتها تعد الوجبة الأكثر إشباعاً للبنية العقلية لطفل اليوم الشاب غداً ؛ ومثل الفشل مثل الحمى التي تصيب الجسد وتلحق به الألم لكنها ما أن تغادره حتى يكتسب الجسد المناعة اللازمة لمقاومة تكرار الإصابة بها ، كذلك حينما يتجرع الطفل مرارة الفشل ويتشبع بالحيثيات التي أفضت إليه سيكتسب مهارة تفادي تكراره في تجاربه اللاحقة وجميعنا يعرف تجربة لمس الإبريق الساخن للطفل الذي لا يتجاوز العامين .. فمهما حرص الآباء على إقناع الطفل بخطورته فلن يقتنع إلا إذا خاض تجربة لمسه بنفسه ، قد يشعر بالألم .. نعم ، لكنها الطريقة الوحيدة المفضية لتحقيق الهدف ..تحقيق القناعة التي تضمن لنا عدم اقترابه مجدداً من هذا الإبريق أو ما يشبهه مستقبلاً سيما حينما يكون وحده ولا يوجد بقربه أحد من الراشدين الذين يدفعون عنه الأذى.
عموماً ..ما يهمنا في مثال لمس الإبريق هو أثر التجربة على القناعة الذاتية للطفل والتي تنسحب على بقية التجارب الأخرى في هذه المرحلة .. فالطفل حينما يخرج من بيته إلى مجتمع جديد وقد امتلأ بالتجارب ..و نفسه بالقيم ..وفكره بالمفاهيم السليمة يصبح – بإذن الله – في منأى عن مغبة اتباع الآخرين سيما الفارغين من أقرانه ، بمعنى ألا أحد يمكنه التأثير عليه بسهولة ، بل ربما سيكون هو محور التأثير في المدرسة أو في الشارع أو في الملعب أو في أي مكان ، لكن حينما تهمل العائلة حساسية هذه المرحلة فإن الطفل حتماً سيصير كالأسفنجة الجافة التي تلقى في جوف حوض مملوء بالماء لا تملك من أمرها شيئاً إلا امتصاص كل ما يحيط بها دون هوادة أو تفكير.
Twitter:@ad_alshihri

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *