حتى لا تضيع الأمانة العلمية

Avatar

عبد الله فراج الشريف
في الآونة الأخيرة طغت على السطح قضايا السرقات الأدبية وكان المعهود منها في الماضي أن يضمن الشاعر قصيدته ببيت او بيتين أعجب بهما من شعر غيره، وفي غير عصره، ويحاول اخفاءً لجريمته تغيير بعض ألفاظهما بمترادفاتها حتى لا ينكشف أمره، وتظهر وكأنها توارد خواطر، وأن ينقل مؤلف فكرة وردت عند غيره، فيطورها وينسبها الى نفسه، ولكن العبارات له لا لصاحبها، رجاء ألا تنكشف سرقته أما أن ينقل مضمون كتاب بأكمله، ثم ينسبه إلى نفسه، ويضع اسمه على غلافه، فهو ما لم يحدث إلا في عصرنا هذا، الذي يتجرأ فيه أحدهم على نقل 95% من كتاب معاصر له، قد نشر كتابه تحت سمع وبصر الجميع، فإذا طلب من الناقل تدارك خطيئته بالاعتذار، أخذته العزة بالإثم، وأخذ يردد أقولاً تورطه أكثر حيث إنها تؤيد ما فعل، فينسب إلى عالم جليل كابن تيمية – رحمه الله – انه صنع ما صنع، وحاشاه أن يفعل مثل هذا، فهو إن نقل عن أحد وافقه أو خالفه ذكره بالاسم، أما أن نقل عن غيره ما هو من صلب العلوم الشرعية فلا حاجة به ولا بغيره أن يذكر معيناً نقل عنه، ثم أخذ يبعث من ثنايا التاريخ اتهامات لأدباء علماء ماضين كالمتنبي شاغل الدنيا والناس، والحريري صاحب المقامات، وابن دريد صاحب جمهرة العرب والفرزدق الشاعر، والتي لم تثبت عليهم ولم تثبت أبداً ليبيح لنفسه سرقة كتاب كله، ليضع اسمه على غلاف دون حياء أو وجل ثم يحكم عليه بجرمه المشهود وتعلن عقوبته والغريب أن نجد مدافعين عنه وله مناصرون، ممن لم يطلعوا على كتابه المعنون (لا تيأس) والكتاب الذي نقل مضمونه فيه، والذي عنوانه (هكذا هزموا اليأس) ولم يقارنوا بينهما ليكتشفوا الحقيقة وغرهم ثقة بالفاعل الذي ظن أن ما يضيفه عليه الاتباع من الألقاب كافٍ في درء المحاسبة عنه إذا عمد ارتكاب خطأ فادح كهذا الخطأ ويزداد الأمر غرابة حينما تمتنع صحيفة محلية عن نشر مقال يناقش الرجل في ما اعتذر به من حجج واهية بحجة أنه كان يكتب في الصحيفة وكأنها تحمي كُتَّابها وهي في الحقيقة لم تفعل في الماضي وليست قادرة عليه حالياً، وحتى لا تضيع الأمانة العلمية نقول لكل هؤلاء إن من أخطأ عامداً وجبت محاسبته أياً كانت مكانته فإذا اعتذر بأعذار واهية تسيء إلى غيره غلظت له العقوبة، حباني الله واياكم حسن الأدب والاعتذار حين الخطأ إن كان سهواً أو عمداً، تنقية للنفس من مساويء الأخلاق، إنه السميع الذي يجيب الدعوات.
[email protected]
ص.ب 35485 جدة 21448
فاكس: 6407043

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *