بهذه الوداعية الباكية غير المتوقعة ، لواحد من ألمع الوجوه الرياضية في الستينيات الميلادية ، في زمن كانت ميادين وساحات الرياضة وهُوَاتُهَا ، تمثل قمة المتعة والعطاء ، أثناء ممارسة هذه اللعبة ذات الشعبية الجارفة ، التي خطفت أنظار وأسماع الجماهير السعودية ، بالرغم من احتدام التنافس الشريف باختلاف الميول الكروية ، بمذاق الانتصارات وشعارات الأندية وإجماعهم على حب المنتخب الأول فهم من يكونون نسيجه الأخلاقي والرياضي ، وإذا أردنا البحث عن أسرار هذه الحميمة ، لوجدناها تتجسد في أخلاقيات اللاعبين والروح الرياضية السائدة آنذاك ، بتبادل الزيارات وحضور المناسبات ، والأسماء أكثر من أن تتسع لها هذه المساحة.
ولعل الفقيد الذي ودعته أسرته وأحباؤه في ذلك المساء المهيب واحد من هؤلاء الرموز الرياضية ، في صورة إنسانية تمثل مكانة وأخلاقيات الفقيد الراحل ، تؤكده الأعداد الغفيرة التي حضرت لتقديم واجب العزاء في داره بحي الروضة بجدة ، يتقدمهم الوجيه المعروف الشيخ عبدالرحمن فقيه ، بالرغم من ظروفه الصحية التي تحامل عليها ، لما بينهما من ارتباط ومعاصرة مكانية وتاريخية ، قدم فقيدنا قصص من الإنجازات عكست حب هذا الوجيه لهذا الوطن ، ظهرت بوضوح عصامية الرجل وكفاحه وصبره ، على الكثير من الصعوبات التي تجاوزها بنجاح ، يسجل بكثير من الاحترام لهذا الرجل القدير دون ضجيج إعلامي ، لكن ذاكرة المحب والحبيب أستاذنا ” أبا هاني ” أبت إلاّ أن ترصد هذه المواقف ، حلوها ومرَّها على السواء ، بخفة دم الكاتب والصحفي الكبير الأستاذ حامد عباس ، وحضور الوجيه الشيخ عبدالرحمن فقيه مقر العزاء دليل يؤكد مكانة الفقيد الراحل.
هذا الرصد دليل آخر يؤكده معاصرو الفقيد ، من زملائه الإعلاميين الذين شرفوا بتعاونهم معه كصاحب عطاء ، وعرفوا مكونات الرجل الفكرية الذي أخذ موقعه القيادي بجدارة لأكثر من صحيفة سعودية ، فكانت بصماته واضحة وآرائه تنفذ لقلوب محاوريه احتراما وتقديرا لحسن تعامله ورقي أخلاقه وخبراته ومهنيته وكثير من ذكائه ، الذي لا يفطن إليه إلاّ قلة ممن هُم أقرب الناس إليه ، وإن ذكر شيءٌ منها وتم رصد بعضها فأنها بعيدة عن الإطراء ، الذي يرفضه تماما بتسامح يكاد لم يخلق لغيره من أصناف البشر ، ولي في هذا تجربة شخصيه معه رحمه الله ، فقد طالبت ذات مرة بتكريمه باعتباره أحد الرموز الإعلامية ، التي قدَّمت الكثير من العطاء ، وقاد المؤسسة الصحفية التي عمل بها لمصاف الصحف التي حافظت على مركزها الأول بين الصحف الأخرى ، إلاَّ أنه آثر على نفسه بأن هناك من زملائه المخضرمين من هُم أحق منه بالتكريم وتلك أخلاقيات وتواضع الكبار.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *