حاجتنا إلى الثقافة الصحية

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبدالناصر الكرت[/COLOR][/ALIGN]

أظهرت بعض الدراسات أن نسبة الإصابة بمرض السكري في المملكة وصلت إلى أكثر من 28% للفئة العمرية مابين 30 – 70 عاما وأن 30% من المرضى المنومين في المستشفيات لديهم هذا المرض .
وفي الواقع أن هذه النسب العالية لها دلالات مخيفة وخطيرة على كافة الأوضاع الصحية والاقتصادية والاجتماعية والحضارية … وهي توحي بأننا نعيش أزمة وعي ونقص ثقافة عامة , وفي مقدمتها الثقافة الصحية التي تهمنا جميعا وتعنينا صغارا وكبارا . حيث أن ممارساتنا اليومية تأتي في الغالب على حساب صحتنا وندفع الثمن غاليا بالتعرض لكثير من الأمراض التي كان بالإمكان تجنبها – بإذن الله – لو راعينا بعض الأمور المطلوبة في النظام الغذائي والمسار الحياتي .. ولكن تمضي الأيام ولم يتغير شيء في عاداتنا الخاطئة . فالوجبات الغذائية على نمطية واحدة .. تحتوي على الكثير من الدهون والسكريات والنشويات . مع أن الحركة قليلة والرياضة تكاد تكون معدومة . فقد اعتاد الكثيرون منا على أخذ قسط من الراحة والخلود إلى النوم عند امتلاء المعدة بالطعام , أي بعد الغداء والعشاء , فتراكمت الدهون وربت الشحوم وزادت الأوزان ونستمر على هذا الحال حتى تسارعت الأرقام وتصاعدت النسب لدرجة أنها وصلت إلى رقم كارثي بما تعنيه الكلمة لأمراض ( السمنة والسكري والهشاشة ) وما يتبعها من أمراض خطيرة مصاحبة لها وما تسببه من نتائج أكثر خطورة .
وكان الاستدلال بمرض السكري وإحصائياته كشاهد حي على الواقع . علما بأن هناك أمراضا أخرى نتعرض لها وتتزايد نسبها بسبب إهمال الدور الوقائي , لانعدام الثقافة الصحية التي يفترض أن تكون ثقافة موجهة في الأساس من خلال المناهج الدراسية , لتعويد الأجيال لتطبيق الحكمة القائلة بأن الوقاية خير من العلاج . وتأصيل هذا المنطلق كقاعدة في حياتنا . لأن الثقافة الصحية تسعى إلى ترجمة الحقائق الصحية المعروفة إلى أنماط سلوكية صحية سليمة على مستوى الفرد والمجتمع . لكن واقعنا المعاش يثبت أننا لا نعير الجانب الوقائي كثيرا من الاهتمام , حيث تفتك بنا الأمراض و تتوغل في أجسامنا وتنخر عظامنا .. لنبدأ – متأخرين – مشوارنا الطويل في رحلة البحث عن العلاج لتلك الأمراض المداهمة التي نعاني من أوجاعها ونقاسي آلامها الجسمية والنفسية ويشترك معنا في هذه المعاناة كل من حولنا بسبب غياب تلك الحكمة . حتى على المستوى الرسمي نجد الاهتمام في الغالب ينصب على الطب العلاجي قبل الوقائي الذي لا يجد من الدعم سوى القليل سواء من الناحية المالية أو الكوادر البشرية ونحو ذلك .
ومع أن وزارة الصحة في بلادنا نجحت إلى حد كبير في جانب التطعيمات للأطفال كجانب احترازي ووقائي مما يثمن لها وتستحق عليه الشكر والتقدير . إلا أن دورها التوعوي على وجه العموم يظل محدودا . وهي في الحقيقة لا تتحمل هذا الواجب لوحدها ولا تقدر أيضا على ذلك , بل تشترك معها في المسؤولية الهامة جهات عدة , للمساهمة في صياغة الثقافة وتشكيل الوعي . ويفترض أن تقوم كل جهة بدورها منفردة ومجتمعة وفق برامج منسقة ونعني بها وزارة الثقافة والإعلام والتربية والتعليم وكذلك التعليم العالي ورعاية الشباب وغيرها من الجهات ذات العلاقة . لأن الثقافة وتشكيل الوعي مطلب ضروري في كل الأحوال لتزويد الناس بالخبرات اللازمة بهدف التأثير في معلوماتهم وممارساتهم فيما يتعلق بالصحة تأثيرا إيجابيا محمودا وتعويد الكل على كيفية حماية أنفسهم – بمشيئة الله – من الأمراض والمشكلات الصحية التي تظهر في المجتمع , سائلين الله الصحة والسلامة والعافية للجميع .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *