جولات وزيرة الخارجية الأميركية لمنطقة الشرق الأوسط !!

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبدالحميد الدرهلي[/COLOR][/ALIGN]

منذ مؤتمر انا بوليس في شهر اكتوبر 2007 م، قامت كنداليزا رايس بسبع زيارات للمنطقة بهدف تحقيق وعد الرئيس الاميركي جورج بوش \” الصغير \” اقامة دولة فلسطينية قبل نهاية العام الحالي، زياراتها كلها كانت في مهب الريح . ووعد بوش كذلك، كوعده السابق بإقامة دولة فلسطينية قبل نهاية عام 2005 م كان في مهب الريح لم يتحقق .
آن للعرب والفلسطينيين ان يدركوا ان الإدارة الأميركية معنية فقط بمصالحها، ومصالحها مرتبطة باسرائيل اكثر من ارتباطها بالعرب . فإسرائيل تملك من وسائل الضغط ما يؤهلها للتأثير في السياسات الأميركية مهما كانت الإدارة التي تتسيد البيت الابيض، فكل الإدارات الاميركية تلهث وراء الرضا اليهودي، صغرت طلباتهم ام كبرت، بينما العرب هم الذين يلهثون وراء الرضا الاميركي . وشتان بين الحالتين .
قالها رئيس الوزراء الاسرائيلي اولمرت بالفم المليان، ان على واشنطن ان لا تضغط على الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني .
طبعاً هو يقصد الاسرائيلي في المقام الأول، لأن كثرة الضغط من وجهة نظره قد يدفع الأمور الى التطرف . فهل ثمة تطرف اكثر من هذا الذي يمارس؟ مما يعني ان ادارة بوش في ايامها الأخيرة لن تكون بأقدر من السابق على ممارسة اي دور لتحقيق وعد بوش . فقد استنفدت الإدارة الاميركية كل ما ارادته من الدول العربية في حروبها وسياساتها في المنطقة، ولم تعد بحاجة الى استرضائهم، او صرف وعود وهمية لهم، وعليهم ان يستعدوا لما هو مطلوب منهم من الإدارة الاميركية المقبلة سواء كانت جمهورية او ديمقراطية، على امل ان تتنازل تلك الإدارة وتصغي لمطالبهم التي لن تحقق منها شيئاً، ما دامت تشعر ان لا كلفة سياسية ولا اقتصادية على ادارة ظهرها للمطالب العربية .
الكل يدرك، والفلسطينيون في المقدمة منهم ان جولات رايس، حتى ولو بلغت سبعين زيارة للمنطقة في الشهور الثلاثة المقبلة لإدارة بوش \” الصغير \” ، لن تحقق شيئاً سوى الوعود . والوزيرة رايس نفسها تدرك ان زيارتها الاخيرة والزيارات السابقة واللاحقة، ما هي الا زيارات علاقات عامة، ومحاولة اظهار استمرار اهتمام واشنطن بالعمل على تحقيق وعد رئيسها، فلدى الإدارة الاميركية الآن ما هو اكثر اهمية من استرضاء الفلسطينيين لأن غضبهم لن يؤثر قيد انملة على المصالح الاميركية، فواشنطن مهتمة في الايام الاخيرة لبوش \” الصغير \” في البيت الأبيض باستكمال الاتفاقية الامنية طويلة الأمد مع العراق، ومهمته بتثبيت سياسة حلفائها الجدد في الباكستان على نهج جنرالها الذي تخلت عنه – برويز مشرف – ليستكملوا سياستها في حروبها على ما تسميه الارهاب، علاوة على الصراع الروسي الذي سببته السياسة الجورجية .
فكل تلك الملفات لها اولوية على قضايا الشرق الأوسط التي يمكن تأجيلها الى ما لا نهاية دون ان يرف لها جفن قلقاً على مصالحها .
فرئيس الوزراء الاسرائيلي غارق في مشاكله الداخلية وهو يتنقل من تحقيق آلى آخر في محاولة لتبرئة نفسه من تهم الفساد المالي، وهو يعد ايامه الاخيرة في الحكم بانتظار ان ينتخب حزبه خليفة له . والساحة الاسرائيلية منشغلة في شكل الحكومة التي يمكن ان تتشكل بعد تغيير زعامة الحزب الحاكم، وكل تلك التطورات الاسرائيلية تجري قبيل الانتخابات الاميركية .
الادارة الاميركية الجديدة التي ستخلف بوش \” الصغير \” تحتاج من سنة الى سنة ونصف لتعيد فتح ملف الشرق الاوسط مجدداً، مما يعني ان موضوع الدولة الفلسطينية لن يكون متاحاً مجرد مناقشته قبل عام 2010 م وحينها لا احد يعلم ما سيطرأمن ملفات ساخنة على الساحة الدولية كفيلة باشغال واشنطن عن صداع القضية الفلسطينية التي ستبقى تؤجل الى ان يستطيع ابناؤها فرض قضيتهم على العالم، ولن يستطيعوا ذلك ما لم يدرك العالم ان كلفة عدم ايجاد حل لقضيتهم سيكون ثمنه فادحاً على الاستقرار والأمن العالمي .
آن الأوان للاعتراف بأن حكومة اولمرت \” الفاسد \” نجحت في لعبة شراء الوقت التي تمارسها طوال الاشهر التسعة الاخيرة عبر تكريس الأمر الواقع ووضع الشعب الفلسطيني والعرب والمجتمع الدولي امام \” الحقائق \” التي فرضتها على الارض رغم علمها ان كل محاولاتها هذه لن تحصد سوى الخيبة والفشل حيث لم تحقق اي انجاز سياسي طوال اربعة عقود، ولم تدفع الفلسطينيين لرفع الراية البيضاء، او التخلي عن حقوقهم المشروعة في القدس وحق العودة والحياة وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية .
اما عدا ذلك فهو مجرد استناد الى لغة القوة واتكاءة على الترسانة العسكرية وموازين القوى التي لا تستمر على حالها كما علمنا التاريخ ذلك .
والراهن ان المخاوف حقيقية من رضوخ الولايات المتحدة الاميركية في موسمها الانتخابي للشروط الاسرائيلية دون التفات الى ما يتبع ذلك من نتائج سلبية على المنطقة برمتها، ابتداء بالرفض الشعبي لحل يسرق من الشعب الفلسطيني حلمه باقامة دولته، وهم مكتفون بالحصول على النذر اليسير من حقهم الكامل، مرورا بما سيؤثر ذلك على الدول المؤمنة بالحل السلمي العادل والدائم، وليس انتهاء بتأثير ذلك على المجتمع الدولي، وبما يذكرنا بحقبة السبعينات من القرن الماضي حين كانت العمليات الانتحارية، وبما يتبعها من عمليات انتقامية تستدعي ردود فعل موازية لها، وتدخل المنطقة في دوامة عنف ليس لها نهاية .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *