جودة السياحة .. جاذبة للسائح
تابعت الجدل الدائر ، الثائر ، الهادر حول انفاق السياح السعوديين في البحرين العام الماضي بنحو (4 مليار) ريال وانفاقهم في نفس العام أكثر من مليار ومائتي مليون ريال (200 مليون جنيه استرليني) في بريطانيا بكثير من الاهتمام ولم يكن دافعي هو التأثر بالشعارات الرنانة الطنانة التي ترفع شعار السياحة الداخلية أولى التي تفتح فرص عمل للشباب.
أقول انني لم أتأثر بكل تلك الشعارات على الرغم من صحتها ودقتها أنني نظرت باستمرار للسياحة بانها بالنسبة للسائح مجرد نشاط ترفيهي وثقافي يبحث من خلالها عما ينشده من المتعة والاستجمام وتغيير رتابة الحياة وما يلخصها من الملل والسأم من جراء التكرار الروتيني لانشطتها.
إذن من حق السائح ان يحلم طالما انه يحلم بسياحة متميزة التي تختلج في صدره من أجل قضاء وقت سعيد بعيداً عن سلسلة السلبيات مثل المواصلات وللخدمات الفندقية والبنكية وغير ذلك من المعوقات للسياحة كمصدر قوي للتنمية في البلاد.
من المؤكد أن الاسر السعودية بأجيالها المختلفة استمتعت باجازات العام الماضي في البحرين وبريطانيا والدولتان التي اعتبرت السياحة.. هي المستقبل .. هي الصناعة الأولى في قائمة الصناعات الاخرى . هذه العبارة البسيطة التي جذبت السياح السعوديين وغيرهم الى كل من البحرين وبريطانيا ودولة الامارات وتركيا .. ليست مجرد اعلانات تليفزيونية خالية من المضمون إنما هي حقيقة وواقع يؤكدها ما لمسه السياح عموما وهم يدخلون البلدان المذكورة.
إذن كيف تصبح السياحة الداخلية لدينا صناعة متكاملة لجذب الاسر السعودية؟ إن وراء طرح هذا السؤال قضية على درجة كبيرة من الأهمية وهي امكانية أن تصبح المملكة سوقاً رائجة للسياحة للأسر السعودية تتمتع بخصائص متميزة جاذبة لها وانفاق ريالاتهم في السوق الداخلية السعودية.
على كل حال تستطيع الاجابة على السؤال ولكن ما هو صعب حقاً وضع الاجابة موضع التنفيذ بمختلف الوسائل وهل هو مسؤولية الهيئة العليا للسياحة .. أم القطاع الخاص؟ أقول إنه ليس من الصعب تصور كيف يمكن تحقيق الراحة للسائحين فيحبون قضاء اجازاتهم في المملكة ويحبون المملكة وبالتالي ينشرون الوعي السياحي لدى بقية الاسر السعودية من الاقارب للتمتع بالسياحة في ربوع ديارهم.
وليس من السهل اقناع السائح بأنه يجب عليه قضاء سياحته في دياره إذا تعرض لأي تجربة تنطوي على القلق والتعب مثل أن يكون طريق غير مستوي وبغير لافتات ارشادية أو أن يكون هناك طريق بغير دورية طبية أو أمنية وليس من السهل اقناع الأسر السعودية وجذب انتباههم الى السياحة الداخلية اذا رأى مكاناً سياحياً لا تتوافر فيه (3) محاور أساسية وهي التي ستجذب الأسر السعودية الى السياحة الداخلية والانفاق فيها وهذه المحاور هي : الجودة والتدريب والوعي السياحي.
ان هذه المثلث(الجودة ، التدريب ، والوعي السياحي) يؤكد أن السياحة تعني التميز فمثلا كون الأسر السعودية تنفق في موسم سياحي في كل من البحرين مبلغ(4 مليار) ريال وفي بريطانيا اكثر من (مليار ومائتي مليون ريال) لان هاتين الدولتين تتوافر فيهما عناصر الجذب السالفة فأصبحت كمركز جذب للزوار من الأسر السعودية وكذلك من رجال الأعمال ومحبي التسوق فتجد عندهما جميع الامكانيات الضرورية التي جعلت منهما جهة جاذبة للأسر السعودية حيث تجمع بين توفير سبل الراحة حسب النماذج السياحية المتقدمة.
واذا نظرنا الى واقع السياحة الداخلية لوقفنا على عدة حقائق بعضها ايجابي وبعضها الآخر سلبي ومهمتنا هي الاستفادة مما هو ايجابي والتخلص مما هو سلبي.
فمن الحقائق الايجابية ما تؤكده الدراسات الصادرة عن الهيئة العليا للسياحة والتي اكدت نقطة مهمة جدا ومفيدة لنا وهي ان السياحة الداخلية اسهمت بنسبة 55% في الناتج المحلي.
بوضوح شديد أقول إنه بدلاً من لوم السائح السعودي لتوجيهه الى الخارج يجب أن يعرفوا أن السياحة سوق مفتوح في ظل العولمة يتميز بالمنافسة الشديدة لجذب السياح وان الدخول لهذه السوق المرعبة يحتاج الى التصميم والجهد واستخدام معايير الجودة في الخدمات السياحية المتعددة (فنادق ، مطارات، طرق، بنوك، صحة، تأشيرات) ومتى تحققت هذه الجودة النوعية في الخدمات السياحية سنتمكن من جذب الأسر السعودية ومعها الأسر الخليجية والعربية أيضاً.
التصنيف: