[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]الشريف خالد بن هزاع بن زيد[/COLOR][/ALIGN]

ما لا تنشره الصحف تذيعه الفضائيات .. وما لا تقوله هذه ولا تلك تتلقفه الشبكة العنكبوتية التي ليس لها أول ولا آخر ..واختلط فيها الجد بالهزل والغريب والطريف والنافع والضار والناصح والمفسد.
دعونا من حواري الإنترنت ودهاليزها الأعقد من أحيائنا الشعبية ، ونتوقف عند خبر طريف لكنه يحمل دلالات ويثير تساؤلات عن جودة الحياة وترتيب المجتمعات في قائمتها على طريق قوائم الأثرياء والجامعات في العالم .. وقوائم البطالة .. وقوائم الطلاق والعنوسة والانتحار وقوائم الشعوب المبتسمة والأخرى المكفهرة …. إلخ.
الخبر ليس جديدا عن ترتيب الشعوب في جودة الحياة ، وأوردته وكالة تسمى (أنباء أمريكا إن أرابيك) وصادر عن مؤسسة (انترناشونال ليفينج) كما وردت معربة الحروف .. يقول الخبر: تونس هي الأولى عربيا في جودة الحياة وترتيبها 77 عالميا .. فيما العراق آخر القائمة (195) بين شعوب العالم وحتى الصومال سبقتها مباشرة .. وبين صدارة تونس عربيا والنهاية بالعراق عربيا وعالميا ، بحثت عن موقعنا فوجدته في المرتبة (171) وقادني الفضول إلى محاولة فهم طبيعة تلك القائمة وفيها ما يبدو لنا غريبا وغير منطقي .. أو ربما نحن الذين تغيب عنا معاني جودة الحياة وليس مستواها .. باختصار ( هل تعيش سعيدا ؟).
وحتى نفهم الموضوع تسألت : لماذا هذا الترتيب وعلى أي أسس ومقاييس .. والأهم ماذا تعني جودة الحياة لنفهم سبب ترتيبنا المتأخر ( 171 ) رغم ما نحن فيه من نعمة محسودون عليها .. وهل هذه الجودة تنقصنا حقا .. أم أن الخواجات لهم فلسفة أخرى للحياة لا تناسبنا لكنهم أقحمونا في قائمتهم بحكم العولمة؟.
يستطرد الخبر بأن الأردن جاء في المرتبة 91 ثم لبنان 98 وقفزة أخرى إلى الوراء لنجد مصر وسوريا وقطر في المرتبة 130 والجزائر والكويت 137 ودولة الإمارات 144 .. ثم قفزة خلفية أخرى لنجد السودان 192 واليمن 193 وقبلهما من غير العرب إيران 190 تلتها أفغانستان ، أي أن آخر القائمة عربية بامتياز .
لكن ماذا عن الخواجات ؟.. أوردت قائمة جودة الحياة فرنسا الأولى عالميا ثم استراليا الثانية فهولندا ونيوزيلندا ، فيما كانت أمريكا الخامسة .ولأننا نكره اسرائيل فلن أذكر أن ترتيبها ( 71 ) في جودة الحياة .
عموما لا أدري على أي أساس تم التصنيف وكيف درسوا واستطلعوا وبنوا تقييمهم وترتيبهم .. ولم يقدموا لنا أي تفسير سوى معايير ومقومات ( الصحة البدنية والنفسية والشعورية والسعادة ) وكان سيفيد كثيرا في فهم وجهة نظرهم لو قالوا لنا سمات الشعوب .. ومع ذلك لن نختلف كثيرا مع قائمتهم ولن نشكك فيها كعادتنا مع ما لا يروق لنا آراؤهم أو أرقامهم عنا ، لأنهم لم يترصدونا عمدا في دراستهم بغرض الاتهام ، لكن الخلط في الترتيب يثير حيرة في المعايير!.
بصراحة فتشت عن جودة الحياة ووجدت كلاما كثيرا عنها ومن زوايا مختلفة تثبت أن جودة الحياة تعريف نسبي يختلف من شخص لآخر حسب ما يراه .. لكن يوجد قاسم مشترك بين البشر وعامة المجتمعات الإنسانية في مقومات هذه الجودة والعوامل المؤثرة فيها ، إن كان في حياة الأفراد أو الشعوب .
لقد حددوا الأوضاع المالية ليس بمستواها وإنما بقدرتها على تحقيق السعادة في الحياة .. كذلك الصحة والاستقرار الاجتماعي والنفسي .. واللافت للانتباه أن معنى جودة الحياة بالتصور المذكور إذا ما طبقناه على سماتنا الحياتية سنجد أن القائمة وضعتنا في الترتيب المناسب والمشكلة عندنا نحن لأننا لم ننصف أنفسنا مثلما أنصف مجتمعنا في الماضي نفسه عندما كان أكثر استقرارا وتراحما وإخلاصا .
كانت النفوس قبل الفلوس ، والصفاء والتواضع والتواصل ، كان الإنسان بخير والأسرة بخير والمنصب والمال آخر شيء ، ولم تغير أصحابها بل زادتهم اقترابا وبذلوها لمجتمعهم ، فكان الانتماء قويا للمجتمع وللأسرة وللقيم.
نقطة مهمة جاءت في شرح جودة الحياة لو نظرنا إليها بتعمق سنجد تفسيرا لفساد مناخات العمل إلى درجة لا تصلح للعمل لأن بعضها لا يتوفر فيه مقومات الإدارة الصحية ولا أسباب استقرار الموظفين ، فتحول الاخلاص للعمل إلى ولاءات شخصية ومداراة للمسؤول ، وحسب الرضا والمصلحة يكون الاستقرار ، وتغمض عنه العين فتتفشى السلبية والإحباط .. فيما تنشأ صراعات وتكالب لنيل الخطوة بدلا من التنافس على العمل .
تلك الأساليب الخاطئة يقول عنها أصحاب نظرية جودة الحياة أنها تعكس إعاقات نفسية في الإدارة لا تستريح إلا بنشر عدواها ولذلك ينصحون الضحايا بالآتي :
1-تكيف مع واقعك حتى لا تتأزم مما يدور حولك .
2- احرص على التوازن النفسي لتخفف الضغوط عنك وتنقذ نفسك من أمراض القلب وقرحة المعدة والسكر وضغط الدم .
3- تسلح بالإيمان وتمسك بالأمل وحاول التغيير لنمط حياتك فدوام الحال من المحال . وثق أن بعد العسر يسرا .
أتمنى للجميع جودة أفضل في الحياة والعمل .
نقطة نظام : تستطيع أن تجبر الحصان أن يذهب للنهر، لكنك لن تستطيع أبداً أن تجبره على الشرب منه!
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *