في مجتمعنا أمثال جمانة … بائعة الشاي ، الكثير ممن (يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إلحَافًا) ، هذه القصة الغائرة في جسد المجتمع المديني ، وتواترت أخبارها بكثير من مشاعر الرحمة والألفة ، بين أفراد مجتمعنا السعودي كافة ، بكل ما تحمله صور التلاحم الذي تُمَيِّز هذا المجتمع الأصيل ،

والقصة في ذاتها درس من الكفاح ، الذي أتسمت به هذه السيدة الفاضلة ، وهي تقدم هذا النموذج سعيًا وراء لقمة العيش الكريمة ، تغنيها وبناتها مذلة السؤال وسط متطلبات الحياة وتكالب الظروف ، وهي رسالة جديرة بالاهتمام لكل شرائح المجتمع نقدًا وتداولاً

ثمة استثناء يتوقف عنده الإنسان لاستدراك بعضًا من هذه الظروف ، محاولا من خلالها استعادة شيء من ذاكرة الزمن الجميل ، وكيف كانت عليه حياة أولئك البسطاء , تحت وطأة الظروف المعيشية بالغة الصعوبة ، لتكون المفاجأة لأحد هؤلاء ، الذي تمنى عودتها داعيًا الجميع التأمل وأخذ بعضًا من دروسها المستفادة ،

ليس رغبة في الزهد كهدف وإنما تحسبًا من غدر الزمن ، فهذه السيدة التي ضَحَّتْ بوقت بناتها الجامعيات ، من أجل هذا العمل الشريف ببيع الشاي على الجمر في الطرقات العامة ، بالرغم من الجهد الشاق الذي تبذله من جراء هذه الحرفة المتعبة ، قد لا يقدر علي القيام به بعض الشباب.
يجدر بنا أن نتوقف عند هذه الحالة الإنسانية ، لكي ننظر إلى الصورة بكافة جوانبها ، وما يجب فعله ليس كما تعامل

معها مراقب أحد البلديات الفرعية بأمانة المدينة المنورة ، مهددا إياها بالسَّجانة في الوقت الذي بإمكانه تطبيق النظام بحقها ، دون أن يجرح مشاعرها ويزيد من معاناتها وهوانها في الطرقات ،

وحينما نتناول حالة كهذه لم يكن من باب الشفقة عليها ، وإنما كونها سيدة آثرت أن تقوم بدورها بعد أن فقدت زوجها ، وتحملت بشجاعة هذا الدور الأسري الرائد في حياتها ، حتى أوصلت فلذات كبدها ” بناتها ” في طلب العلم إلى المستوى الجامعي.

لتأتي ابتسامة الفرج لهذه الأرملة العفيفة ، من قبل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان ، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ، موجهًا سموه الكريم بتوفير ركن مؤقت في مهرجان السلام ، ومقر دائم بحديقة الملك فهد بالحي التراثي بالمدينة المنورة ، إنه الرقي الأخلاقي الذي درج عليه سموه ،

فهذه القيم الاجتماعية تنبع من سماته الإنسانية ، ونموذج من التعايش مع ظروف المجتمع الواحد ، التي وجدت من يجبر بخاطرها من الأمير سلطان بن سلمان وشقيقه أمير منطقة المدينة المنورة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان ، ليهنأ المجتمع المديني بهذه الأصالة والمواقف النبيلة.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *