شمس الدين درمش

البراءة صفة لصيقة بالأطفال لنقاء فطرتهم قبل أن تطالها تصرفات الكبار من حولهم ليعكروها. فهم لايعرفون المجاملة الكاذبة ولا التظاهر الخادع.
والبراءة في حقيقتها قوة، قبل أن تكون ضعفاً أمام الاتهام الظالم لها:
وتظهر قوة البراءة في جراءة الصغار أمام الكبار وإحراجهم، وكل أب وأم، ومعلم يمكنه ان يرصد مواقف متنوعة لهذه الجراءة البريئة.
ويحضرني ماكتبه الروائي الدانماركي العالمي هانز أندرسون عن الطفل الذي كشف عري الإمبراطور الذي كان شعبه يصفق ويهتف لثيابه التي لامثيل لها، ولم يكن ثمة أي ثوب يلبسه الإمبراطور، ولم يكن أحد يجرؤ أن يقول ذلك! وكان كل واحد يكذب عينه المبصرة أنها ربما تكون لا ترى مايراه الآخرون! لكن طفلاً بريئاً تجرأ وهمس لأمه أن الامبراطور عار، فانتشرت الهمسات وصارت صراخاً، وتعرى الامبراطور حقيقة!!.
ونحن الكبار نقتل هذه البراءة وتلك الجراءة بتصرفاتنا التي تكون قدوة سيئة لأطفالنا وتلاميذنا.
كان أحد المعلمين يجري لتلاميذه تجربة انتقال الصوت عبر الأجسام الصلبة. فوضع ساعة يده على طرف مسطرة طويلة، ووضع طرفها الآخر على أذن التلميذ، وسأله: هل تسمع دقات الساعة أم لا؟ أجاب التلميذ: نعم، أسمع دقات الساعة! ومر المعلم على التلاميذ واحداً بعد آخر وهم جيمعا يؤكدون سماعهم دقات الساعة. ولكن أحدهم قال: أنا لا أسمع شيئا يا أستاذ: فغضب الاستاذ ونهره قائلاً: كيف لا تسمع وقد سمع زملاؤك جميعاً ؟! قال التلميذ: اسمع أنت يا أستاذ! فلما وضع الأستاذ أذنه على طرف المسطرة لم يسمع شيئاً! فقال لتلاميذه: أنا لم أسمع دقات الساعة هل سمعتم أنتم بالتأكيد؟ فقالوا جميعاً : لا، لم نسمع يا أستاذ ولكننا خفنا أن نقول: لم نسمع.
حاول الاستاذ تصحيح الموقف بأن التجربة كانت غير محكمة، ولكن الخرق كان أوسع من أن يرقع!!.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *