[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد حامد الجحدلي [/COLOR][/ALIGN]

جدة أكثر المدن حفاوة بسكانها وعلاقاتها الأزلية لتشكل ثنائية الانتماء بين المكان والإنسان بتواصلها التاريخي كمدينة غارقة حتى الثمالة مع كل من استهواه المقام والسكنى بين أحضانها الدافئة بأبسط أساليب وأنماط الحياة الاجتماعية فقراء وميسورين فالكل يجد في هذه المدينة ما يشجعه على البقاء فيها أطول فترة زمنية ممكنة ولهذا وجد هذا النسيج المتآلف لعدد ليس بالقليل من الأمم الحاضرة والبادية جاءوا إليها من شتى أقطاب الأرض منذ آلاف السنوات فنشأت بينهم ما يسميه علماء الاجتماع بالعلاقات البنائية المتوازنة بين أكبر تجمعات بشرية دون سابق معرفة حتى يتم اللقاء فتنشأ العلاقات الحميمة المتكافئة التي تتسم بالارتباط المباشر معتمدا على مكونات المجتمع من إكرام الضيف ونصرة المظلوم ومساعدة الضعيف والمشاركة المادية والمعنوية لمن أحلَّت به ضائقة أو كارثة لا سمح الله وسيول جدة في أواخر العام الماضي دليلا عمليا على هذا النموذج ويمكننا تطبيق ذلك على معظم أحياء جدة القديمة التي أطلق عليه فيما بعد الأحياء العشوائية بهدف التطوير.
ففي وسط البلد هناك حركة تكاد يومية لزوارها من داخل المملكة وخارجها عرب وأجانب مثقفين ورجال أعمال من شارع الملك عبدالعزير مرورا بشارع قابل في اتجاه العلوي وشارع العطورات والبخور وشجرة النيم العتيقة أمام بيت نصيف وزير الفخار والماء العذب ليرتوي ظمأ العطشان في نهار صيفي في زمن كان يخاف على هذه المدينة من العطش قبل وجود الكنداسة أيام كانت آبار جدة وصهاريجها تعد على الأصابع ولم أكن مبالغا إذا أدعيت بأنني عشت تلك الفترة الزمنية ولكنها روايات كبار السن الذين انتقل معظمهم لرحمة الله وشرفنا بحضور مجالسهم لنستعذب أحاديثهم ودقتهم في الوصف وأرجو أن لا تكون هذه الروايات مجرد ذكريات مرّت من بنط جدة الشهير مرورا ببواباتها الثلاث التي لازالت شاهدا على تاريخ هذه المدينة الحالمة من شروق شمسها وساعات أصيلها ملتقى شعرائها وأدبائها وعشاق السهر بأجمل لياليها المقمرة حتى بزوغ فجرها الذي يتسابق عليه شبابها وشيوخها في صباحات رمضان ومنهم أستاذ الجيل ومرهف الكلمة الشاعر الأديب طاهر زمخشرمي الذي روى لي ذات مساء شيئا من ذكرياته وأحلام صباه مع جمع من رفاق دربه في الصحافة والإذاعة.
ترنيمة : شعر حمزة شحاته
والهوى فيك حالم ما يفيق
ورؤى الحب في رحابك شتى
يستفز الأسير منها الطليق

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *