جاستا وانهيار الديمقراطية

محمد حامد الجحدلي
بات من المؤكد بأن الولايات المتحدة الأمريكية ، لم تتعظ من تجارب سابقة ، فشلت إدارة الرئيس باراك أوباما في إيجاد حلول لها داخليا ، عوضا عن فشلها خارجيا في نزع احتقانات ، أدت إلى حروب شرق أوسطية قاتلة ومدمرة ، لازالت شعوب المنطقة تكتوي بنيرانها ، ففي وضعها الداخلي وقبل أربع سنوات من الآن ، تم إغلاق خمسين ألف مصنع وتعطل ما لا يقل عن خمسمائة عامل عن العمل في كل مصنع ، خذلتهم إدارة الرئيس لعدم توفير احتياجاتهم اليومية ، عطفا على الحياة الأسرية الكريمة ، التي يجب أن يتمتع بها المواطن الأمريكي ، التي تدعي حكومته تطبيق مفاهيم الديمقراطية والمبادئ الإنسانية ، هذا ليس ضربا من الخيال وإنما من خلال الفيلم الوثائقي ، الذي شاهده الملايين ، للكاتب والمخرج الأمريكي بيترنافارو بعنوان ” الموت بأيد صينية ” (Death by china).
وهناك من الوثائق التي تدين هذه السياسة وجعلتها ، ترضخ تحت طائلة المديونية الصينية ، والتي تجاوزت التسعة عشر تريليون دولار ، نتيجة إغراق الأسواق الأمريكية بالمنتجات الصينية ، منذ مطلع القرن الميلادي الحالي ، والذي يفسره خبراء الاقتصاد بأن مردود ذلك يعد مؤشرًا خطيرًا ، في تاريخ الاقتصاد الأمريكي ، كأولى الدول التي تصدرت دول العالم ، ليس على المستوى الاقتصادي وإنما في مجالات عدة ، لولا الأيديولوجية العنصرية والتخبطات السياسية التي عاشتها مؤخرا ، الأمر الذي يعتبره السياسيون نذير شؤم على الولايات المتحدة الأمريكية ، بل من أساليب الفشل الذريع والذي تجاوز لما هو أبعد من ذلك ، كأحد أبرز العوامل المؤدية لانهيار الديمقراطية ، التي كثيرا ما روجت بأنها صاحبة السيادة لحماية هذا الشعار ، متحدية الكثير من الأنظمة العالمية والحضارات التاريخية التي سبقتها.
وحينما تجود لنا ذاكرة التاريخ ، لدول أوروبية تميزت بثقلها عالميا ، نجحت في بناء علاقات دولية محترمة ، بينما المخاوف تنصب في التجاوزات التي اتخذها الكونغرس ، بتطبيقه قانون جاستا ومخالفته الصريحة القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ، الذي أكد على حصانة الدول وسيادتها ، وأن يؤدي ذلك النظام الأمريكي التسلطي ، لظهور قوى دولية جديدة تسعى حثيثة لتبادل مصالح مشتركة ، وموطئ قدم لها في دول الشرق الأوسط ، بديلة لأمريكا التي استحوذت على مصالحها واستثماراتها ، منذ ثلاثينات القرن الميلادي الماضي ، وفي حالة استمرار الكونغرس الأمريكي فيما ذهب إليه ، فإن الثمن الذي ستدفعه أمريكا سيكون باهظا ، لأن المملكة لديها ما تدفع الضرر عن تاريخها السياسي ، بعلاقاتها الدولية والتزامها بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ، وقدرتها على الحصول على حقوقها المشروعة ونزعتها للسلام ومحاربة الإرهاب.
التصنيف: