[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]بخيت بن طالع الزهراني[/COLOR][/ALIGN]

اقترح على معالي الرئيس العام لهيئات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، أن يدعو إلى (ندوة كبيرة) تضم الاعلاميين والمثقفين والكتاب بحيث تكون مثلاً تحت معنى ومسمى (ماذا يريد المجتمع من الهيئة .. وماذا تريد الهيئة من المجتمع؟) .. واظن أن موعد مثل هذه الندوة أو الملتقى الفكري الحضاري قد حان الآن، اكثر من اي وقت مضى، بحيث يمكن لثلة من المتقابلين التحاور عبر عدة محاور وجلسات متنوعة، ومن ثم الوصول الى رؤية مشتركة، أو على الأقل لتتاح الفرصة لكل فريق أن يقول ما عنده، وأن يسمع من الطرف الآخر ما لديه في اجتماع يكون الحديث فيه مباشراً، وضمن أطر الحوار الحضاري، الذي لا يفسد للود قضية.
وأظن أن ما جرى ويجري مما يشبه التراشق ليس بين (الهيئة) و(من ينقد بعض أعمالها) ولكن الأمر وصل إلى دخول اطراف اخرى من الدعاة ومن صاروا يدافعون عنها، ويحاولون ان يتحدثوا بلسانها، ويظهرون امام الناس وكأنهم المحبوّن لها لوحدهم، وفي الجانب الآخر من يرى أن ما يطرحه إنما هو نقد هادف يشخص به حالة معينّة أو جزئية محددة في عمل مؤسسة حكومية، مثلها مثل غيرها، فيتحول هذا النقد تلقائياً في العقل الباطن لعدد من الناس، على أنه يقصد أهدافاً أخرى منها مثلاً اقتلاع الهيئة بكاملها من مكانها.
إن الناس لا يمكن محاسبتهم لا شرعاً ولا عقلاً على مجرد النوايا والظنون، ولكنهم يحاسبون على الاقوال الصريحة والافعال القائمة، ولهذا لا يحق لاي أحد كائن من كان أن يرمي أحداً بالفسق أو يلوح بذلك لمجرد أنه مثلاً ينتقد الهيئة، أو امام المسجد، أو القاضي، أو المؤسسة الدينية، أو الخطاب الدعوي، لأن هذه المرافق الرسمية أو الأهلية، إنما نسيج من ضمن مجتمع كبير، والنقد الهادف، المبني على القرائن والادلة، لابد وان يطال كل من يعمل في الميدان، والاّ فإننا نكون كمن حاول اقتطاعاً من مؤسسات المجتمع ووضع حولها دائرة حمراء، لتكون ممنوعة من النقد، أو في دائرة العصمة.
نحن في الواقع سعداء في بلادنا، لهذا الهامش المعقول من حرية النقد، والذي اتسم به العهد المبارك لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ملك الانسانية، والذي كثيراً ما يردد رعاه الله كلمة (الشفافية) على لسانه في اكثر من خطاب ومحفل، وهو كذلك مما يزيد من نصوع صورتنا أمام العالم وامام انفسنا ايضاً، في أننا قوم نستطيع أن نقول (لكل من اخطأ.. انت أخطأت) ثم ماذا في ذلك؟ لو أنك اخطأت في كذا.. وقلنا لك انت مخطئ، فهل هذا يلغي العلاقة بيني وبينك، أو انني مثلا أريد بالنقد أن (ألغيك تماماً)؟.واظن أن من لوازم الفهم الشرعي والحضاري كذلك أن تكون الصدور رحبة لقبول النقد، والتعاطي معه، ليتحول الى ثقافة عامة.
وأكاد أعتقد جازماً أنه لا أحد في مجتمعنا السعودي، وبعد أن وصلنا إلى هذه المرحلة من النصح، يريد أن نعيش ما يعرف بسياسة (تكميم الافواه) فطالما أنت تنتقدني بأدب وبقرائن قائمة، فإن المطلوب أن اوجه لك الشكر، لا أن اتجهم منك، ومن ديننا (رحم الله امرءاً أهدى إلى عيوبي) ولكن الأصعب من ذلك أن ينصرف بعضنا عن قراءة السطور نفسها، إلى (قراءة ما بين السطور) في محاولة لاستنباط النوايا الكامنة، والتي لا يعلم بها الاّ رب الناس.
أتمنى اخيراً وأنا أعيد ما بدأت به هذا المقال أن يقوم رجالات الهيئة الكبار الافاضل، بإقامة ندوة او ملتقى للحوار مع أهل الفكر والثقافة في بلادنا، في مناسبة كبيرة يتم الاعداد لها بعناية فائقة، وتعقد أولاً في العاصمة الرياض ثم في جدة تباعاً كاقتراح منا، فلعل في هذا خيراً كبيراً.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *