ثقافة الثوب السوداني و(شيلة العروس)

Avatar

يوسف اليوسف

لقد ظل الثوب السوداني خلال فترة من السنوات الماضية هاجساً كبيراً خصوصاً للشباب الذين يرغبون في التجهيز للزواج وإعداد (الشيلة) وذلك لكثرة التصاميم من جهة وارتفاع أسعار بعض الموديلات من جهة أخرى، حيث رأى البعض أن تكون فقط ثلاثة من الثياب وثلاثة من الفساتين والملابس والعطور وخلافه.. بينما رأى البعض أن تكون (ستة) من الثياب وغيرها.. وهكذا تفاوتت بسب الغلاء وإمكانيات العريس رغم أن هنالك فئة أخرى من ميسوري الحال رأت أن لا تقل الأعداد في الشيلة عن (درزن) دستة من كل نوع.
وقد أرَّخت بعض الأغاني العريقة عن هذه الشيلة والتي يقول فيها المطرب صلاح بن البادية (جابوا الشيلة بالبابور ـ أي (القطار) كناية عن كثرتها كما تغنى الكابلي(ثلاثة قدور محلبية.. وثلاثة قدور صندلية.. ونسيبته قالت شوية.. حرمان أي (حرام) ما يدخلن عليَّ) وهذه من الصيغ المبالغة في إعزاز عروسهم وغلاء مهرها الذي لا يحققه إلا من كانت لديه القدرة على تحقيق تلك الأمور في الشيلة.
لقد أصبح الثوب السوداني في فترة من الفترات معرضاً للتجاهل من بعض الفتيات والنساء خصوصاً العاملات في مختلف الدوائر وميادين العمل نظراً لارتفاع سعر الثوب وعدم إمكانية شراء ثوب جديد في معظم المناسبات إن لم يكن في جميعها حيث لا تحبذ النساء تكرار ارتداء الثوب مرتين متتاليتين في المناسبات، في حين أصبحن يفضلن ارتداء الفساتين والجيبات (الإسكيرتات)الطويلة مع البلوزة والطرحة، وبعضهن لجأن لارتداء العباءة التي تحل مشكلة غلاء الثياب وفي نفس الوقت تعين في حركة الموظفة أو المدرسة.. لكن ليس ذلك في غالب المناسبات..
إلا أن الملفت للنظر أن التمسك بارتداء الثوب السوداني كظاهرة اجتماعية أصبح سمة ظاهرة خلال هذه الفترة بدءاً من المذيعات المتميزات في القنوات الفضائية السودانية واللائي أضفن علاوة على عملهن جمالاً وأصالة للثوب السوداني الذي مر بمراحل عديدة منذ عهد وزمن الحبوبات (الجدات) والتزامهن بالثوب السوداني المحتشم في كافة المناسبات.. بل وكثيراً ما كن يرتدين الثوب حتى داخل البيوت تحسباً لاستقبال الضيوف الذين تعود أهل السودان على استقبالهم في معظم الأوقات دون سابق إذن ولا استئذان، فالبيت السوداني بيت الجميع ومحطهم ويستقبل ضيوفه في أي وقت.. وهذه سمة غلبت على أهلنا في السودان حتى وقتنا الحاضر..
ولقد شاهدت في هذا المجال يوم الأحد الماضي حلقة من برنامج قناة النيل الأزرق (ألو مرحبا) والذي تقدمه المذيعة الناجحة (نجود) فقرة تناولت عرضاً جميلاً بل رائعاً للثوب السوداني الأصيل قدمته مصممة الأزياء المرموقة الأستاذة (هويدا محمود) وشقيقتها الأستاذة (صفـاء) ضم أنواعاً عديدة من التصاميم التي أدخلت على الثوب السوداني أسلوباً جديداً يتماشى مع الأصالة ويتمسك بالتراث.. كما شمل العرض تصميماً لبعض الموديلات من العباءات.. ولم يخلو العرض من الحنين والشوق للوطن ولأهله وترابه.. فكم هو جميل أن نرى في بنات ونساء هذا الجيل من يصممن ويتمسكن بثوب الأمهات والحبوبات مع الحداثة والتطوير.. فالتحية والتقدير لهن مع الدعاء بالتوفيق لمزيد من الأعمال والتصاميم التي تُثري هذا الثوب العريق وتقديم الموديلات المختلفة المناسبة وبالأسعار والتكاليف البسيطة التي تعين على تسهيل (الشيلة) وتضمينها العديد من الموديلات الراقية لمناسبات العروس المقبلة.. ولمختلف شرائح المجتمع السوداني من البنات والنساء.. وأبشر يا عريس.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *