عبد الناصر الكرت

الموارد البشرية كما هو معروف مجموعة الأفراد المشكلين للقوى العاملة في جميع قطاعات الدولة . وهناك من ينظر بشكل أوسع بأنها تعني جميع السكان من المدنيين والعسكريين , ويدخل في ذلك العاطلون والمتقاعدون (القادرون والمستعدون للعمل) كما يشمل جميع الطلاب في مراحل التعليم المختلفة باعتبار التربية عملية استثمار بشري طويلة المدى.وتعد من الموارد الاستراتيجية للدول والعنصر الرئيس للنجاح والتقدم , حيث تشمل على المعارف والكفاءات والمهارات لدى القوى العاملة .
والموارد البشرية هي المحور الأساسي الذي تدور حوله التنمية في كل المستويات والوسيلة المحركة التي تحقق أهدافها , كما تعتبر العامل الأول والمهم في تنمية اقتصاد الدول ! ومثال ذلك «دولة اليابان» التي تعد قليلة الموارد الطبيعية قوية الموارد البشرية , مما جعلها تقف في الصف الأول مع الدول المتقدمة في العالم والتي تمتلك أكثر المقومات .
ومن الجميل حقا أن استشعرت الجهات الرسمية بدولتنا الفتية – في هذه المرحلة – أهمية هذا الجانب, حيث طرحت وزارة الخدمة المدنية برنامجا يحمل اسم الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية وتوج بموافقته الكريمة – يحفظه الله -ويهدف البرنامج إلى رفع أداء الموظف الحكومي وإنتاجيته وتطوير بيئة العمل ووضع سياسات وإجراءات واضحة لتطبيق مفهوم الموارد البشرية وإعداد وبناء القادة من الصف الثاني.
والحقيقة أن البرنامج يسعى لتحقيق أهداف عظيمة تظل الدولة بحاجة كبيرة لتلك المخرجات المنتظرة بما ينهض بالعمل في كافة القطاعات الحكومية وستتبعها الأهلية دون شك بما يحقق الكثير من الآمال والطموحات.. ولضمان نجاح البرنامج بإذن الله اُعتمد تطبيقه بشكل تدريجي في المدد والجهات وفق ما أعلنته الوزارة المعنية.
وقد صدرت الموافقة بتشكيل لجنة رفيعة المستوى لمناقشة ما قد يواجه تلك الجهات لتقوم الخدمة المدنية برفع تقاريرها لمجلس الشؤون الاقتصادية عن نتائج تطبيق مشروع البرنامج في الوزارات المستهدفة في المرحلة الأولى . والتي نأمل أن تكون مشجعة للاستمرار في هذا البرنامج الهام والمطلوب.
وحقيقة الأمر أنه لا يمكن الاستفادة من الموارد البشرية بشكل فاعل ما لم تكن هناك برامج مستمرة ومكثفة تعمل على تطويرها وتنميتها من خلال الدورات و الخبرات وورش العمل وتوفير المتطلبات وتحديد الاتجاهات وتوظيف القدرات واستثمار الكفاءات. حيث إن نسبة من العاملين في القطاع الحكومي يعملون بشكل رتيب , تغيب عنهم معرفة الأهداف ويغلب عليهم نقص الاهتمام ويبدو منهم عدم التكامل وكان من نتائج ذلك قلة المنجز وضعف الجودة مما أدى إلى إهمال التطوير أحيانا وعدم وضوح المعيارية الدقيقة والاعتماد على عناصر محددة تقريبا , مع قلة التفاعل مع الآخرين.
وهذا هو الملاحظ من واقع إدارة الأفراد التي تختلف عن إدارة الموارد البشرية التي يبرز دورها في أداء الفعاليات والبرامج والأنشطة.. التي تتمثل في التخطيط والتنظيم والتطوير والتدريب والقيادة والتوجيه واستخدام التحفيز وزرع الثقة ورفع الكفاءة للوصول إلى أعلى درجات الإنتاجية. ولدينا تفاؤل كبير بأن برنامج الملك سلمان للموارد البشرية سيعمل على نشر ثقافة إدارية جديدة تعتمد على تأكيد قيمة الوقت وتنمية وعي العاملين والعمل بروح الفريق والاهتمام بالمنجز وتحقيق الجودة وتحقيق المزايا التنافسية وتشجيع التفكير الإبداعي والابتكار وإيجاد الحلول للمشكلات الطارئة. وهذا البرنامج كما هو مرسوم له يشكل خطوة نوعية رائعة لتحقيق جملة من الأهداف أولها : رفع جودة أداء الموظف الحكومي وزيادة معدل إنتاجيته في العمل والحرص على تهيئة بيئة عمل جيدة , وبث ثقافة تحمل الأمانة والمسئولية وجذب الكوادر المؤهلة وتنمية قدرات العاملين بالتدريب والتطوير المستمر , والاستفادة القصوى من جهودهم .
مع إتاحة الفرص أمام المتميزين والمبدعين للترقية والتقدم بما يكون له انعكاس إيجابي على العمل والعاملين . والاهتمام أيضا بوضع سياسات وإجراءات واضحة لتطبيق مفهوم الموارد البشرية , وإعداد وبناء القيادات من الصف الثاني , لتأخذ دورها في قادم الأيام لتنتظم مسيرة العمل بصورة سليمة دون تباطؤ أو تعطيل.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *