سكينة المشيخص

سؤال المفارقة الإنسانية العميق في سياق ما يحدث من معاناة ومشكلات بين البشر حاكمين ومحكومين، هو هل من الممكن أن تخضع الأنسنة لقواعد معينة واستثناءات تطول بحيث تتجاوز ما هو أساسي وثابت في قيم وأعراف الناس؟ أو بمعنى آخر هل يمكن أن تتجزأ الإنسانية بحيث نتمثلها بكل أخلاقياتها وقيمها في بعض الأوقات ونخلعها عنا في أوقات أخرى؟ ذلك بكل تأكيد يخلع عن سلوكياتنا نزعتها وجذورها البشرية لتتقارب مع السلوك الحيواني الذي لا يمكن السيطرة عليه والذي تحكمه الغريزة وسلطة الغير.
والسؤال بالسؤال يستطرد ويتداعي..كيف يمكن أن تعفو 8000 سيدة عن كتائب القذافي بعد أن تخلوا عن إنسانيتهم وانقضوا عليهن كفرائس يقتاتون من أجسادهن دون النظر لكم العذابات التي سوف يخلفونها وراءهم جراء هذه الفعل الشائن، لوقع الاغتصاب نفس البشاعة على كل الأنفس، هذا الواقع تتقاسمه الثورات العربية الثلاث، للأسف، حيث تم نفس السلوك مع المرأة واستخدموا الاغتصاب كأداة حرب مدمرة، فبعد سقوط ليبيا الآن أصبحت هناك كثير من الأسر يحملن العار حسب المفهوم الشرقي من بناتهن المهتوكات اللاتي يفترض التعاطي معهن كضحايا لكن للأسف انقلبوا ضدهن، وبدلا من أن يضمدوا جراحهن زادت هذه الجراح ألما واتساعا.
البعض ألقى ببناته في دور الرعاية الاجتماعية، وآخرون رفضوا استلام بناتهم من هذه الدور، وجعل هذا الوضع المربك في المجتمع الليبي بعض الناشطين في مجال حقوق الإنسان يحاولون تذليل الصعاب والبحث عن حلول، فالوضع من السوء بما لا يمكن السكوت عليه فأسسوا جمعيات مهمتها مد يد العون لهؤلاء الضحايا عن طريق توفير المأوى والعلاج النفسي لدمجهم مجددا في المجتمع وتحسين صورهن، ومنذ شهر تقريبا كانت هناك مسيرة حاشدة نظمت من أجل هؤلاء النسوة، كما تطمح هذه الجمعيات لتزويج الفتيات الضحايا، فشأنهن شأن من فقد أطرافه مثلا في الحرب.
بكل تأكيد، أي عملية اقصائية لهن، بمثابة عملية عدم اعتراف بهن كبطلات قدن ليبيا الى الخلاص، غير أن التساؤل يبقى ماثلا في الضمير الإنساني.. إلى متى تظل المرأة تدفع فواتير أكثر من غيرها في حالات وأوقات كثيرة؟ والى متى سوف تنتج لنا الحروب نساء مشوهات نفسيا وجسديا؟ وإذا كان قدر المرأة دائما أن تكون خطا أحمرا، فلماذا تقلل أقل شائبة فيه بفعل من يضعون تلك الخطوط من نظرة المجتمع لها؟ يجب حماية المرأة في حالة الحرب وفرض حماية أوسع لها، لذلك يجب أن تنشط الجمعيات الحقوقية في جميع أنحاء العالم لمساعدة المرأة المظلومة وليس تقاسم اغتصابها. فذلك أوجب واجبات الانسانية..

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *