عيسى الواصل

الموضوعية تحتاج لنفس طاهرة نقية غير انتهازية، ترضي ذات الكاتب الإنسانية لا مصالحه الشخصية والدنيوية, إذ من السهل جدًا ركوب الأمواج، ومهمة يستطيع الجميع القيام بها، لكن مواجهة تلك الأمواج تحتاج لأنفس متصالحة مع ذواتها وصادقة، وقلة للأسف جنس الأخير, بدليل الموجة الوحشية الأخيرة من البعض على تغريدة حُمّلت فوق ما تحتمل, وأعطيت زخمًا وضجة لا تستحقه البتة, ولبس الجميع ثياب المحاماة والغيرة والنصرة لمواجهة تجاوز \”محل خلاف\” على غير العادة, بينما الواقع المعايش مليء بالتجاوزات والمحذورات والمحظورات التي هي محل خلاف أيضًا, فمقام نبينا صلوات ربي عليه أرفع وأسمى من أن ينتقص, ويفترض حين الدفاع عنه يكون وفق منهجه لا بمخالفة المنهج, فمهما كانت الحماسة ليست بمبرر أن نتجاوز ونخالف منهج وأدبيات وخلق نبينا, ونسوق السباب والشتائم التي عادة ما تكون نتيجتها وخيمة, ومزيداً من العدواة التي لا تنتج سوى البغضاء.
كما أن النزعة الدموية المصاحبة لتلك التغريدة غير مقبولة شرعًا ولا منطقًا, ولست بصدد طرح آراء العلماء المعتبرين في هذا الشأن, وترجيح ابن باز رحمه الله للاستتابة والقبول إن شاء الله, حيث هذه الإشكاليات والخلافات لها مسارها القانوني والشرعي الذي يحكم وفق القوانين والأنظمة التي لا تخضع للعواطف, وتدرس من جميع الجوانب, بل في الوجه الدموي الذي ظهر فجأة, ولا يلام المسلم على غيرته نصرة لمقام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم, لكن يلام كل اللوم حين يخالف نهج النبي الأكرم, ويتعامل مع أخيه المسلم بهذه الطريقة الوحشية المخالفة لتعاليم ديننا الحنيف.
هذه الهجمة الشرسة على تغريدة تحتمل أكثر من قراءة توضح مدى غياب الحوار بيننا, وافتقادنا لأخلاقيات الاختلاف, وأجزم بأن هذه الهجمة لم تكن سوى استغلال للموقف لتحقيق أهداف أخرى, لأن الشاب التائب حمزة قد تراجع قبل الهجوم عليه, وحذف التدوينة بعد تعليقات بيّنت له الخطأ, وأعتذر حينها, لكن جاء من يريد استغلال هذه الهفوة لحاجة في نفسه, ومع هذا سارع كاشغري بكتابة بيان اعتذار مذيلا بالشهادة والتوبة, لكن الموضوع أكبر من كونه حمزة, وكانت التغريدة بمثابة الفرصة لتحقيق مآرب وحاجة في نفس يعقوب الله العالم بما تخفي الصدور.
إن كان هناك غيرة, وحماسة, يفترض أن توجه لدراسة تلك الوحشية التي ظهرت فجأة, فتعاليم ديننا الحنيف أبدًا والله ليست بهذه الصورة الدموية, ولا تمثل نهج قدوتنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم, وتراثنا الإسلامي مليء بالدروس والمواقف والعبر التي تمثل الإسلام خير تمثيل, عكس ما رأيناه من معاداة وحقد وشراسة لا يقرها ديننا الحنيف.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *