(تربية الأبناء بين الاستثمار والاستهلاك )..(1-2)
بقلم : البتول جمال التركي
هناك مقالات وأبحاث وكتب كثيرة جداً تتكلم عن التربية الحديثة وخاصة في العقدين الماضيين فقد بدأ المجتمع يجني ثمارها ، ولا عيب في التربية الحديثة ولا أضع اللوم عليها .
ولابد من توضيح الفارق بين التعليم المجرد والتعليم الممنهج بأطر عملية نستقي قواعدها من القرآن الكريم والسنّة النبوية الطاهرة .
وفي أي مجتمع بشري يكون هناك تقييم وترجيح والغالب عند الناس في هذا العصر تقييم الأفراد حسب ما يملك من مال أو جاه أو شهادة جامعية كبرى من أرقى جامعات العالم ولكن التقييم المجمع عليه في القرآن والسنة أن القيم التي اعتمدها الناس للترجيح فيما بينهم قيم لم يعترف بها القرآن إطلاقاً ، لم يعترف بقيمة الغنى ، ولا قيمة
الذكاء ، ولا قيمة الوسامة ، في القرآن الكريم اعتمد قيمتين ، لا ثالث لهما اعتمد قيمة العلم ، فقال :
( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) سورة الزمر
وقال :
( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ) سورة المجادلة
فأعلى مرتبة عند الله مرتبة العلم ، بل الآية التي تلفت النظر :
( وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ) سورة النساء .
إله عظيم يقول فضله عليك عظيم إذا كنت عالماً : رتبة العلم أعلى الرتب ولابد أن نوضح بأن هناك علماً متعلقاً بكسب الرزق ، هذا لا يزيد عن كونه علم حرفة ، لأن هناك علم آخر متعلقاً بالحلال والحرام ، هذا أصل في العبادة ، هناك علم بخلقه ، أصل في صلاح الدنيا ، وهناك علم بأمره أصل في العبادة ، وهناك علم به وهو العلم الذي أراده الله جلّ جلاله في القرآن ، وأراده النبي عليه الصلاة والسلام في السنة .
لذلك يعتبر الجهل أكبر عدو يواجه أي مجتمع .
لذلك الكلمة الرائعة التي قالها الإمام علي كرم الله وجهه : يا بني العلم خير من المال ، لأن العلم يحرسك ، وأنت تحرس المال ، والمال تنقصه النفقة ، والعلم يزكو على الإنفاق .
أي لو درست الأمر جلياً لا تجد مشكلة في الأرض من آدم إلى يوم القيامة إلا بسبب خروج عن تعليمات الصانع الخالق ، وما من خروج عن منهج الله إلا بسبب الجهل ، والجهل أعدى أعداء الإنسان .
نحن الآن في عصرنا هذا عرفنا أعداءنا الصهاينة والاستعمار المقنع ، لكن العدو الأول هو الجهل ، الجاهل يفعل في نفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به .
( وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ) .
( سورة الملك ) .
كل إنسان يحب نفسه ويحب سلامته ويحب سعادته ويحب وجوده وكمال وجوده واستمرار وجوده …لا يتأتى ذلك كله مجتمعاً لمخلوق إلا إذا طلب العلم ومتى ما كان متعلماً فهو يعلم غيره وأقرب الناس إليه أولاده .
فإن الوقت الذي يمضي في طلب العلم هو (وقت استثماري ) وليس استهلاكي والوقت الذي تعلم فيه أولادك سيعود مردوده عليك وعليهم وعلى المجتمع بأسره .
وقد قال أحد الحكماء : العالم شيخ ولو كان حدثاً (صغير السن)، والجاهل حدث ولو كان شيخاً .
مات رجل وكان صاحب علم ففكرت في خسارته لمجتمعه ولكن رأيت أبناءه قد ورثوا العلم منه فهو بنظري لم يمت فقد كان علمه مازال في ذريته
التصنيف: