تدخل عجيب من وزارة التجارة !!

Avatar

[COLOR=blue]ابراهيم عساس[/COLOR]

كان المجتمع السعودي ومنه المجتمع المكي ينظر إلى الانتخابات التي تجرى في الغرف التجارية الصناعية للتنافس على مقاعدها نظرة احترام ويعتبرها تجربة ناجحة ولعبة انتخابية ممتعة يتيح للتجار والصناع عن طريق صناديق الانتخابات اختيار من يرونه صالحاً لتمثيلهم في مجالس الغرف وقد اكتسبت هذه العملية مصداقيتها ورعتها الدولة ممثلة في وزارة التجارة رعاية حكيمة وفق أنظمة معتمدة بمرسوم ملكي كريم وقد بلغت تجربة الانتخابات التي تقام في الغرف مرحلة النضج وأصبح الناس يتابعون باستمتاع ما يقوم به كل مرشح من دعاية لنفسه عبر الصحف أو عن طريق المخيمات والتجمعات المنظمة ، وكانوا يتنظرون النتائج على أحر من الجمر ليعرفوا من فاز بالمقاعد التجارية والصناعية من التجار والصناع .
ولكن هذه التجربة العريقة خُدشت عن طريق الوزارة التي ترعاها عندما تدخلت لإرغام ثلثي أعضاء المجلس الذين حصلوا على الأصوات بقبول رئاسة عضو لم يحصل على أصوات تمكنه من الفوز بالعضوية بل جاء معيناً بقرار من الوزارة وكان بإمكانه الاكتفاء بعضوية المجلس مثل غيره من المعينين ولكنه رأى ورأت الوزارة معه أن يكون هو الرئيس وثمة الذين اعترضوا على قرار تعيينه \”بعض\” ، فكيف يكون اثنا عشر عضواً منهم عدد كبير من المنتخبين والعدد الآخر من الذين عينتهم الوزارة ، كيف يكون ثلثا المجلس \”بعضاً\” وكانهم أقلية مع أن الواقع أنهم اغلبية وهذه الأغلبية أعطاهم النظام بموجبها حق الدعوة إلى اجتماع مجلس الإدارة لتدوير منصب الرئيس ونائبيه أو أي منصب آخر وهذا ما حصل في غرفة مكة المكرمة ولكن الوزارة لم يعجبها ما حصل مع أن الأغلبية المعترضة منهم عدد من المعينين بقرار من الوزارة، بينما المعترضون من المنتخبين هم ممن كسبوا ثقة التجار والصناع وتكون الأغلبية التي تقدمت بالاعتراض منهم من يحظى بثقة الوزارة ومنهم من حظي بثقة المجتمع التجاري والصناعي ، فكيف يجوز للوزارة بعد ذلك التقليل من شأنهم ووصفهم بأنهم \”بعض\” ، أي \”قلة\” وتوجه ذلك بالإصرار على إعادة رئيس المجلس الذي تم تغييره إلى منصبه مرة اخرى دون الاحتكام إلى النظام لأن النظام يمنح الأكثرية في أي مجلس إدارة أن تجتمع لتقرر إعادة توزيع المناصب ، وكيف يتحقق من دعت إليه الوزارة في خطابها الموجه إلى أعضاء المجلس بالتعاون والتكاتف إذا كان ثلثا الأعضاء قد أرغموا بقرار من الوزارة على قبول رئيس دون رغبتهم وهل في هذا الإجراء ما يؤدي إلى التعاون والعمل والإنتاج أم يؤدي إلى فتح باب للشد والجذب والصراع الذي لا يفيد المجتمع الصناعي في أم القرى.
لقد كان من واجب الوزارة ان تنأى بنفسها عن الدخول لمصلحة طرف دون طرف اخر ما دام ان ما اتخذ كان من اغلبية المجلس ومنسجما مع النظام وكان من المفروض بل ومن الواجب ان تكون نتائج الانتخابات الحرة النزيهة التي حصلت في غرفة مكة هي المعيار لانتخاب رئيس المجلس ونوابه وأن يكون الاعضاء المعنيين تكملة لنصاب المجلس لأن الاصوات التجارية والصناعية انما اعطى اصحابها اصواتهم لمن يرون أنه الاصلح في إدارة بيتهم التجاري وأن من حصل على أصوات اقل هم في نظر التجار والصناع أقل كفاءة وثقة من غيرهم ، فكيف يكون الذين حصلوا على أعلى الاصوات مٌبعدين عن رئاسة المجلس وتسلم الى من لم يحصل على أصوات تؤهله ليكون مجرد عضو منتخب من الاثني عشر؟ وهل في هذا احترام للحق والمصلحة واحترام لنتائج الانتخابات التي جرت تحت مظلة النظام ؟ فعلى كل حال ان رأت الوزارة ان لها صلاحية مطلقة في تعيين الرئيس والنواب فإن عليها العمل على استصدار قرار جديد يعطيها حق تعيين الرئيس ونائبيه وتبلغ بقية المنتافسين على ان تنافسهم سيكون فقط على الحصول الى عضوية وعندها تتحول انتخابات الغرف الى ملعبة وتفقد سمعتها وجمالها الذي استمر ما يزيد عن نصف قرن .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *