تحقيق المعجزات
[COLOR=blue]خالد صادق[/COLOR]
رغم تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية الفلسطينية, وانسداد الافق امام أي انجازات سياسية قد تحققها السلطة الفلسطينية بعد استئنافها للمفاوضات مع الاحتلال, ورغم اشتداد الحصار المفروض على قطاع غزة منذ سبع سنوات, واغلاق المعابر وخاصة معبر رفح الحدودي المنفذ الوحيد لقطاع غزة على العالم الخارجي, وانعدام فرص المصالحة الفلسطينية بعد دخولنا في مرحلة جديدة من المناكفات بين طرفي الصراع, وغياب العالم العربي والاسلامي عما يحدث في فلسطين, وتحديدا ما تشهده القدس ومسجدها الاقصى من عمليات اقتحام يومية لليهود المتطرفين, وزيادة اطماعهم في بناء ما يسمى بالهيكل المزعوم على انقاض المسجد الاقصى المبارك, ورغم حالة اللامبالاة لما وصلت اليه اوضاع الاسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني من تردي لأوضاعهم المعيشية وسوء معاملتهم, والتنكر الصهيوني لحقوقهم, الا ان الفلسطينيين وكعادتهم دائما تغلبوا على كل صعابهم, واحتفلوا بالعيد وفرحوا وادخلوا السرور على بيوتهم واطفالهم.
الشعب الفلسطيني يعيش حالة من التحدي مع النفس, وهو دائما يصارع من اجل البقاء واستجلاب الفرحة والسرور التي سلبها منه الاحتلال, ولهذا الشعب الصابر المرابط خصوصية لأنه يصارع من اجل انجازاته, وعندما تأتي الانجازات بنصر, تكون الفرحة اكبر وأثرها أعظم ووقعها في النفس اطيب, فأيام العيد التي انقضت جاءت في أصعب الظروف التي يعيشها الشعب الفلسطيني, والتي اثرت في تفاصيل حياته اليومية, فالمواطن الفلسطيني لا يستطيع السفر عبر معبر رفح نتيجة الاحداث التي تشهدها الساحة المصرية, المواطن الفلسطيني الذي لا يستطيع اليوم ان يأخذ ابنه للعلاج في الخارج, ولا يستطيع ان يستقبل ابنه القادم من الخارج في اجازة الصيف ليقضي معه اياما يطفئ بها نار شوقه وحنينه لأسرته, الشاب الذي فقد فرصته في الحصول على مقعد دراسي في احدى الجامعات نتيجة اغلاق المعبر, والسيدة التي حرمت من الالتحاق بزوجها الذي يعمل في الخارج, والطفل الذي حرم من حنان والده البعيد عنه, كلهم يدفعون ثمن جرم لم يرتكبوه, ولا ناقة لهم به ولا جمل, فجرمهم الوحيد انهم فلسطينيون.
رغم كل ذلك كان الشعب الفلسطيني يبحث عن فرحته من بين كل الخناجر والسيوف التي تنغرس في قلبه وتدمي جسده, واستطاع بالفعل ان يرسم البسمة على شفاه الأطفال ويشعرهم ببهجة العيد, فلم تتوقف الوفود عن زيارة بيوت اسر الشهداء والأسرى, وتقديم الهدايا الرمزية لهم, ولم تبخل الجمعيات الخيرية بتقديم الهدايا للأيتام والأرامل والفقراء والمساكين, لقد تجلت حالة التكافل الاجتماعي بين ابناء السعب الفلسطيني الواحد بأفضل صورها, وكان للمسجد دور كبير في معاونة الفقراء والايتام بالهدايا النقدية والعينية التي قدمت لهم, فكانت ملحمة العيد السعيد التي ادخلت الفرحة في النفوس, وعكست حالة التكافل الاجتماعي في المجتمع الفلسطيني, في تحدي واضح لكل الصعوبات والنوائب التي تحل بشعبنا الفلسطيني, انها ارادة الفلسطينيين التي لا تقهر, والتي تصر دائما على تحقيق المعجزات.
التصنيف: