تجاوز صدمة فراق الأحباء
الحداد هو الحزن الشديد الذى يجتاحنا بعد وفاة أحد أقرب الأشخاص لدى قلبنا وتتراوح مرحلة الحزن ، فقد يتجاوزها الإنسان وهناك بعض الأشخاص الذين لا يستطيعون إجتياز تلك المرحلة ويلحقون بمن رحلوا عن عالمنا
يجب أولاً قبل كل شيئ الإيمان بالقضاء والقدر ومعرفة أن الموت هو الحقيقة الوحيدة فى حياتنا وسنمر جميعاً بها ولا يوجد على وجه الأرض أى مخلوق إلا وسيذهب لنفس المصير وهو الموت ، عندما تتأكد فجيعة الفراق للأهل والأحباب يجتاح الحزن القلوب وتذرف العيون الدموع على رحيل أغلى وأعز الأشخاص فى رحلة بلا عودة ، موت إنسان عزيز على قلوبنا يتسبب فى حالة كبيرة من التعب النفسى والجسدى والشعور الكبير بالإجهاد كما أننا نكون معرضين خاصة فى الليالى الأولى لرحيل عزيزنا للتعرض للخوف والوحدة والأحلام المزعجة والبكاء المستمر ، كما يصاحب كل تلك الأمور ضيق فى التنفس والنَفس بالإضافة لألم نفسى وجسمانى يعادل نفس الألم الذى تعرض له الإنسان قبل رحيله عن عالمنا ، مرحلة الصدمة النفسية فى الفترة الأولى من وفاة الشخص هى الأخطر على الإطلاق فالوحدة والبكاء المستمر لا يؤذينا وحسب بل يؤذى المتوفى وهو فى قبره أيضاً ، يجب كما ذكرت الرضا بالقضاء والقدر فى كل الأحوال حتى وإن كان المتوفى لا يعانى من أى مرض أو الوفاة مفاجئة وغير متوقعة أو حتى بحادث فتعددت الأسباب والموت واحد فيجب أن نتقبل الأمر وقضاء الله لأن لكل أجل كتاب ولا راد لقضاء الله ولا غالب لأمره ، لا أحد مهما فعل يستطيع جعلنا لا نبكى ونحزن كثيراً ونعانى من أزمة نفسية حادة خاصة فى الأيام والأسابيع الأولى من وفاة محبوبنا ولكن يجب أن لا تستمر حالة الحزن بنفس الدرجة والقوى وتبديلها بالذكريات الجميلة التى جمعتنا بالراحلون عن عالمنا والدعاء الدائم لهم والتصدق على أرواحهم وعدم الإستسلام للحزن الشديد الذى يوصلنا لحافة الإنهيار فالموت حتمى لكل الناس لذلك يجب أن نؤمن به فهو حولنا جميعاً ولا مفر منه ولكنه بوقتٍ معين لا نستطيع إيقاف عقاربها مهما فعلنا ، فلا مانع من التخفيف قليلاً من حزننا وصدمتنا الشديدة وتناول بعض العقاقير المهدئة التى تساهم فى الهدوء وتقبل وفاة ورحيل إنسان غالى على قلبنا والإبتعاد عن صور المتوفيين والكف عن التحدث إليها يومياً وتخيلهم بكل مكان والتفكير فى ذكرياتهم الجميلة التى جمعتنا معهم والدعاء لهم كلما تذكرناهم بدلاً من النظر لصورهم وحسابتهم والتحدث إليها لساعات والبكاء المستمر أثناء الحديث فحلم عودة الغائبين لن يتحقق ما حيينا ولا البكاء سيعيد من رحل ولا الشعور بالخوف واليأس هو ما سيجعلهم يشعرون بنا مرة أخرى بل فقط الدعاء والصدقة الجارية هى السبيل الوحيد الذى يجعلنا نتواصل معهم كما يجب الكف عن تأنيب النفس والإحساس المستمر بالذنب عن طريق الأفكار السلبية التى تطارد الإنسان عند وفاة شخص عزيز عليه فيتذكر أنه كان على خلاف معه فى مرة أو أنه قام برفع صوته أمامه أو قام بفعل أحزنه أو تغير فى مرة عليه فكل تلك الأمور الدنيوية تسبب فيما بعد إحساس قاتل بالندم الشديد عند التأكد من وقوع فاجعة الموت لذلك يجب عدم تأنيب النفس والدعاء والإستغفار لأنفسنا ولراحلنا وللمسلمين والدعاء له والتصدق عليه كما يجب علينا عدم التفتيش فى أغراض المتوفى طوال الوقت أو الجلوس أو النوم فى غرفته أو بأماكن كان يحبها ويتردد عليها لأن كل تلك العوامل فى الأيام والأسابيع الأولى تزيد من حالة الحزن الحادة التى نمر بها كما يجب عدم زيارة قبر المتوفى فى الفترة الأولى والهدوء حتى نستطيع تقبل قضاء الله ثم الذهاب لقبره لقراءة بعض القرآن له والعظة وليس الذهاب للبكاء والصراخ والعويل على قبره فكل تلك الأمور تعذبه بشدة وتؤرقه فى قبره فلا داعى لها كما يجب التواجد مع أشخاص والتحدث فى كثير من الأمور بعيدة عن الوفاة والتردد على المسجد والحرص على الإستماع للدورس الدينية التى بها الكثير من الكلمات التى تمسح على قلوبنا برفق لأن التقرب لله عز وجل يهون الكثير علينا من صدمة الفراق الموجعة للقلب والنفس كما يجب أن نتذكر أنه لا يوجد أحد نزكيه على الله فرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم توفى أيضاً بالرغم من مكانته الشريفة صلوات الله عليه وسلم لذلك تجاوز تلك المرحلة الموجعة يأتى بالإيمان بالقضاء والقدر والعزيمة على الخروج من دائرة الحزن والتمسك بالحياة والإجتهاد بها حتى نحقق الحلم الذى حلم به الشخص المتوفى وأراد لنا تحقيقه ، فتحقيق ما تمناه يوماً ما لنا هو ما سيسعده فى قبره
التصنيف: