[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]طلال محمد نور عطار[/COLOR][/ALIGN]

لا يمكن مجاراة الغرب في ما يختلقه بين الحين والآخر من مصطلحات ومدلولات لا معنى لها، والتجربة التركية اقرب الى الذهن، فهي لا تسير على منوال واحد، فالشارع التركي ما يزال متدينا، ويتطلع بشغف الى اليوم الذي تصبح فيه السلطة العلمانية اقرب الى المؤسسة الدينية التي يتشكل منها اغلبية الشعب التركي المحافظ.
والغريب ان الغرب بشقيه الاوروبي والامريكي ينظر – بكل اسف – الى التجربة التركية بمنظار يصل الى حد التشنج المقلق، وبحذر شديد على نحو ما يضع عقبات دائمة امام انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي رغم القبول لمعظم الشروط حتى لم تعد هناك عقبة كبيرة – كما يبدو – سوى المسألة القبرصية، ولكن المخاوف من العقيدة الاسلامية في تركيا برغم اعتداله المعترف به يظل مصدرا لتعطيل الانضمام، وتحريك الرفض الاوروبي الصامت لدخول دولة الخلافة العثمانية – كما كانت تعرف – الى الحظيرة الاوروبية رسمياً!
ومن المصطلحات والمرادفات التي يتناولها الغرب في طروحاته عن الاسلام والمسلمين في وسائل الاعلام المختلفة الاسلام السياسي الذي لا يفصل الدين عن الدولة.
وهناط خلط بين باقي المرادفات الاخرى كجماعة الاخوان المسلمين، والجماعة السلفية، والثورة الاسلامية الايرانية.
لم يستوعب الكاتب الذي اعلن بانه يدق (ناقوس الخطر) لكل من يهمه الامر مطالباً بفك الاشتباك بين الدين والسياسة مثلما يزعم بأنه طالب من قبل بفك الاشتباك بين السلطة والثروة لانه في نظره – الدولة المدنية العصرية تقوم على المبدأ الدستوري الخالد، وهو ان الامة مصدر السلطات!
ان ما ذهب اليه الكاتب يمكن الاخذ به في الامور الدستورية التي تتعلق بالامة، ولاسيما وانها لا تعتمد في منهجها الدنيوي الى الدين.
اما الامة كالامة الاسلامية التي تنتهج الدين الذي ارتضاه رب العباد لعباده، فلا يمكن فصل الدين بأي حال من الاحوال عن الدنيا، وما استشهد به الكاتب نفسه يؤكد بكل جلاء ان ما ذهبنا اليه من ان الدين الاسلامي لا يمكن مقارنته بأي دين آخر من حجم الانفاق الديني في دولة، مثل: مصر لنكتشف قدر ما ينفقه شعبها على الحج والعمرة وبناء المساجد ورعاية الاضرحة والاحتفال بالموالد حتى انه من الثابت ان خزانة الدولة وجيوب المصريين ومنهم: متوسطو الدخل والفقراء ينفقون عدة مليارات سنوياً لزيارة الاراضي المقدسة.
وهناك تهافت شديد، ورغبة جارفة وحماس منقطع النظير!
فكيف يدق الكاتب – هداه الله – ناقوس الخطر، ويطالب كل من يهمه الامر بفك الاشتباك بين الدين والسياسة في بلد يدين غالبيتهم بدين الاسلام الخالد؟
انه القصور بكل بساطة في الفهم لمنهج الدين الاسلامي الذي يربط بين الدين والدولة في آن وبين رجال السياسة في المجتمعات الغربية الذين يروجون لمفهوم فصل الدين عن الدولة ليسهل عليهم ابعاد المثل والمقيم والاخلاق عن الحياة برمتها سواء في المجال الاجتماعي والاسري او في نطاق المؤسسات المالية والمصرفية والادارية والعلاقات الثنائية بين الدول او العلاقات المتعددة الاطراف مع المنظمات الدولية.

المراسلات
جدة ص ب 45032 جدة 21512
e-mail: [email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *