[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]إبراهيم زقزوق[/COLOR][/ALIGN]

قطرة المطر وحدها ضعيفة، فإذا اجتمعت القطرات كونت سيلاً تفيض به الأنهار وتروي الأقطار، والشعاعة الواحدة من الشمس لا يكاد المرء يشعر بها فإذا اجتمع الشعاع في بلورة أحرق ما وُجه إليه وأدار الآلات الضخمة.. فلقد كثر الجدل حول مرتكبي الأخطاء في بعض الدوائر الحكومية، واحتدم اللجب واشتد، فكل طريف يُثير من المناقشات حوله ما يثير، ويُقيم من الخصومات والجهد ما يشتد حيناً ويضعف أحياناً.. فلقد مرت علينا كثير من الأزمات في أعمالنا تحتاج إلى سنوات أطول من صبرنا. فالصبر والقناعة وضبط النفس والطاعة وقوة الإرادة وتحمل المشاق وكمال المراقبة لله في السر والعلن. وما نستطيع أن نعطيه للمواطن من الحرية التي لا تخرج عن طاعة الله سبحانه وتعالى وهي التي تجعلنا نحتمل تصرفات بعض المسؤولين.
إن غداً سيكون بإذن الله يوماً أحسن من اليوم ومن الأمس وذلك بالرجوع إلى الله والطلب بصفاء قلوبنا والابتعاد عن الخيانة، وألا يأخذ الواحد منا لنفسه من المال الذي جُعل عليه أميناً كالأجير يأخذ خفية من مال مؤجره الذي ائتمنه عليه، وكالموظف يأخذ من أموال الدولة التي أؤكل إليه أمر تدبيرها أو رعايتها، وكمن استودع وديعةً فيُنقصها أو يُغيرها فهذه خيانة ولا ضمير لهم يراقبهم. وهم لا يستخفون من الناس ولا يخشون الله الرقيب الحسيب. وأمثال هؤلاء يشكلون زواجاً للثروة والسلطة ويأتون بعملهم أمراً شنيعاً لا يلائم الخُلق الفاضل ولا الإيمان الكامل.ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: \”لا إيمان لمن لا أمانة له\”. وقال صلى الله عليه وسلم: \”من استعملناه منكم على عمل فليجيء بقليله وكثيره فيما أوتي منه أخذ وما نُهي عنه انتهى\”.
نخطئ إذ توهمنا ألا أحد يرانا فيما نعمل، فيا أيها الناس إنكم لا تستطيعون أن تقاوموا الليل بإطفاء الأنوار وإنما تقاومون الظلام بفتح النوافذ والأبواب لتدخل الشمس، فكثيرٌ من الدول في العالم تعلم مستوى ومكانة هذه المملكة الاقتصادية وتبحث عن ثغرة ونحن نستطيع أن نصمد وأن تكون في بلادنا قلاع من الحرية.
لنحاول أن نبني في بلادنا قلاعاً من الأمانة، ونحاول أن نبدل المفسدين بمؤتمنين على حياة وأموال البلاد، وأعجب لأناسٍ أمامهم الشمس المشرقة ويديرون وجوههم عنها. فمن الحرام ما يكسبه الرجل بجاهه، فلابد أن نتعاون على البر والتقوى، لذلك جعل الله التعاون مبنياً على الحب والاحترام والعطف والشفقة، وقال سبحانه وتعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب).
يا ولاة امرنا انتم لسان الحق وصوته وسلطانه فأوقفوا هؤلاء الناس فأنتم أقوى، وأنتم أقدر بقدرة الله تعالى وحكمكم العادل. فلقد خبرتم الدنيا ولا شك أنكم سمعتم أنين المواطن من البعض ممن أقدموا على أفعال الإهمال والتقصير، وأبوا أن يرحموا المواطنين، فبعضهم فقد أبيه أو أخيه في قضية السيول التي داهمت جدة، وسقوا الأموات كأس الموت مُراً.. فالكل في جدة يخاطبكم بمرارة الجرم وفظاعته فمن تثبت ادانتهم في أخطاء جسيمة بألا يتركوا يأخذون منها ما طاب لهم.
إن مما يؤلم أن تجتاز مملكتنا الحبيبة زمناً طاشت فيها بعض الضمائر فخرجوا أصحاب هذه الضمائر عن اعتدالها استرسالاً في غيهم وجاوزوا مهمتهم، وهذا راجع إلى تطرق عناصر أنزلت من قدرها وحطت من شرفها بعد أن أكرمتهم الدولة باختيارهم في مناصبهم.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *