نبيه بن مراد العطرجي

في زمن عظمت غربته ، وكثرت فتنته ، وشدت محنته نحن أحْوَجْ ما نكون فيه إلى رجل ذي بصيرة نيرة يُنِير دروب الحياة بعلمه الشرعي لأبناء الأمة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام التي بدأ ظلام الجهل يحتضنها رغم التقدم العلمي الذي نعيش فيه ، وتصديقاً لقول المصطفى عليه الصلاة والسلام : ( بدأ الإسلام غريباً ، وسيعود كما بدأ غريباً ، فطوبى للغرباء ) وفي أيام كَثُرَ فيها أصحاب الفتاوى المزاجية رحل في صمت عن دنيا الفناء فضيلة الشيخ الشاعر الأديب علي بن مديش بن علي البجوي صباح يوم السبت 14/ 7 / 1431هـ بأحد مستشفيات جمهورية ألمانيا الاتحادية أثر مرض عضال ألم به ، وبرحيله تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته فقدنا منبراً من منابر العلم ، وفقيهاً من فقهاء الدين يصعب على الأمة الإسلامية والعربية تعويضه ، فموت العلماء خطب جلل تتشنف له المسامع ، وتذرف له المدامع لأن بموتهم تطوى صفحات لامعة ، وسجلات ناصعة ، ومصيبة لا تحدّ ، وفجيعة لا تنسى ، فهم يحيون بكتاب الله موتى القلوب ، ويبصرون به أهل العمى ، ويهدون به من ضل إلى الهدى ، فهم أهل خشية الله ، وقد أخبرنا المصطفى عليه الصلاة والسلام فيما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال : ( من أشراط الساعة أن يُرفع العلم ويثبت الجهل ) وقد فسر الإمام النووي مضمون الحديث بأنه – يموت حملة العلم ويتخذ الناس جهالاً يحكمون بجهالاتهم فيضلون ويُضلون – وجاء في الصحيحين عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يُبق ِعالماً أتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ) وروي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال – لا يأتي عليكم عام إلا والذي بعده شر منه ، ولا أعنى عاماً أخصب من عام ، ولا أمطر من عام ، ولكن ذهاب خياركم وعلمائكم ، ثم يحدث قوم يقيسون الأمور برأيهم فيهدم الإسلام ويثلم – وقال الحسن البصري رحمه الله – موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار – فالعلماء هم الدرع الواقي ، والبرج العاجي ضد الفساد ، وقد كان الفقيد رحمة تعالى ممن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ، وجادل بالتي هي أحسن خلال فترة حياته الطيبة المباركة ، ولكن لا نملك عند المصيبة إلا الصبر والاحتساب ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا { إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } رحم الله جميع علماء الأمة الإسلامية ، وخلف علينا بعلماء يأخذون بأيدينا إلى سواء السبيل .
دعاء : اللـهـم إنه في ذمتك ، وحبل جوارك فقه فتنة القبر وعذاب النار ، وأنت أهل الوفاء والحق فاغفر له وارحمه إنك أنت الغفور الرحيم .
ومن أصدق من الله قيلاً { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ }.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *