بلا غزونا بلا رجعنا!
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. رؤوفة حسن [/COLOR][/ALIGN]
تقوم العلاقات العائلية على نوع من الحوار والطرح والنقاش مغاير كثيرا لما يحدث مع أشخاص من خارج أفراد العائلة. فمن الصعب أن يخترع أحدهم قصص ذكريات وحوادث من تاريخه أو ماضيه لا وجود لها أمام أي فرد من أفراد العائلة.
يمكن تحسين صورة الأشياء والذكريات بسهولة أمام الغير أما في مواجهة العائلة وأفرادها القريبين فلا شيء سوى الحقيقة أو الحديث في قضايا راهنة أو ذكريات مشتركة فعلية.
وكثيرا ما يحدث أن يتجنب الأبناء الحديث مع أصدقائهم أمام الأمهات فهن في معرض مودتهن قد يذكرن ذكريات تشعر الأبن أو الابنة بالحرج في تلك الفترة من العمر ثم قد يختلف رد الفعل في فترة أخرى وهكذا دواليك.
ويحدث ذلك من الأخوة الكبار أو حتى الأخوة الأصغر، فالعلاقة هنا ذات طبيعة تستمد نفسها من الآمان والثبات. فمهما كانت النتائج لبعض التعاملات داخل العائلة الا انها في الأغلب الأعم تثبت الاستمرارية وتساعد على موضعة الأفراد داخل رؤي أكثر تواضعا مما يرونه عن أنفسهم خارج الأسرة، أو أكثر أهمية مما قد يعطيهم المجتمع المحيط.
ذلك أن إحدى المهام التي تلعبها العائلة هي تثبيت الثقة في الذات والمساهمة في توزيع الأدوار وتحمل المسؤولية.
بلا رجعنا بلا:
تحرص الاعلانات الموجهة الى أفراد الأسرة على التذكير ببعض من هذه المواقف التي لا يستطيع فيها الزوج أو الزوجة الحديث بنفس الشكل الذي يخاطب به العالم الذي يحيط به خارج الأسرة لأن هناك سلسلة من المتطلبات العائلية يراها أفراد الأسرة أهم.
هذه الفكرة وغيرها تتبادر الى ذهني كل مرة أشاهد هذا الاعلان الذي يرتدي فيه الممثل الملابس الفرعونية ويعلن أنه قد قام بالغزو فلا تتركه زوجته يكمل بل تقول \”بلا غزونا بلا رجعنا\” وتستأنف في المطالبة بما كانت قد قالت لزوجها أن يشتري أو يحضر الى البيت.
شيء ما في هذه اللهجة يجعلك تشعر أن الخطاب الموجه خارج المنزل لمنهم داخله لا قيمة له مهما كانت ضخامته طالما أنه أمر يتكرر الحدوث، لأن ترتيب الأهمية له في البيت تسلسل آخر.
من ناحية ثانية يوجد نوع من الإيحاء بإن الخطابات السياسية حول البطولات والانجازات والمكتسبات هي نوع من الخطاب الممجوج الممل الذي لم يعد أحد يهتم به أو يرغب في الاستماع اليه.
وبغض النظر ما هو منصب الزوج أو الأب أو الأخ أو الأخت أو الأم في عملهما، فالعودة الى البيت تعني متابعة نوع مغاير من العلاقات. فقد يكون المرء رئيسا أو مرؤوسا في وظيفته العامة، لكنه أبا أو أما أو أخا أو أختا داخل البيت. وترتيب العلاقات هنا يقوم كثيرا على الواقعية والمصداقية والمعرفة الحميمة للتفاصيل. ولا مجال للمبالغة أو الأكاذيب.
[email protected]
التصنيف: