[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. فهد عبدالكريم على تركستاني[/COLOR][/ALIGN]

ظهر اسمها في هذه الايام لما قد تشكله هذه البحيرة في الايام القادمة من احداث عظام بدأت بشائره تطل علينا اللحظة تلو اللحظة، فقد هاجمت الامطار الغزيرة مدينة جدة، وتسببت هذه الامطار في غمر هذه المدينة والمكونة من اربعة ملايين مواطن سعودي. ينتظرون اليوم وبشغف بالغ انهيار السد العالي الترابي العظيم والمبني كحاجز امام محتويات بحيرة المسك، وهذا الانتظار القلق يشاركهم فيه موظفو الدولة والبلديات والذين امتلأت جيوبهم من سرقة المال العام وهم الان من رواد المساجد طلبا للدعاء خوفا من انهيار هذا السد العظيم والذي سيكشف في حالة انهياره عن مدى التقدم الكبير الذي تعيش فيه امتنا وعن الاموال الطائلة التي سرقها موظفو القطاع العام والذين اختبأوا خوفا من ثورة امواج بحيرة المسك الطاغية وبالتالي فان غضب ملك البلاد خدام الحرمين نصره الله واعزه هذه المرة لن يكون قليلا ولن تنفع هؤلاء اللصوص حماية او ولاية او شفاعة بعد ان تحول محتويات تلك البحيرة مسكها فتغرق به اشراف اهل جدة الافاضل والذين مازالت بيوتهم وشوارعهم خالية من مايسمى المصارف الصحية والتي مازالت تعتمد على الحفر الكبيرة ثم شفط المخلفات الانسانية وحملها في صهاريج والقائها او تفريغها ثانية في بحيرة المسك. اهل جدة غاضبون جدا بعد ان كشفت الامطار الهاطلة عن عجز في الانقاذ والتخطيط والامداد، وكشف عن ان الموتى وبقي بعضهم تحت الرمال والطين والاوحال فعلى الله ومنه وحده العوض، ويضاف الى ذلك الاف السيارات. بحيرة المسك هذه والتي تتواجد تقريبا في كل مدينة من مدن المملكة السعودية ومعها ايضا مدن الخليج ما كانت لتكون لو كان هناك مستشارون اوفياء اصحاب ذمم، وانه من اكبر انواع الحرام ان تتجمع مياه القاذورات النجسة على شكل بحيرات وتترك مكشوفة لتنقل كل انواع الاوبئة والمرض الى المحيطين بها، اضافة الى الاخطار العظيمة جدا والناتجة عن تسرب هذه المياه القذرة الى اعماق التربة وبالتالي دخولها حوض الخزانات الجوفية والتي تعتبر مياه زمزم احدى روافدها، ولو كان في تلك المملكة بعض علماء الاسلام المتنورين لوقفوا في وجه وجود هذه البحيرات، ولم تستفد المملكة والى جوارها دول الخليج عامة من التطور البيئي في الدول الاوروبية ليشاهدوا كيف تكون المرافق الصحية والتي دخلت دولا من حولهم تعتبر من افقر الدول في العالم ومع ذلك فانها حوت نظما للصرف الصحي عجزت عنه دولا تتنافخ بالعمارات الشاهقة في الوقت الذي تنتظر فيه وبرعب انفجار بحيرات المسك عليها.
ان خوف اهل جدة هو خوف كبير جدا من انكسار سد بحيرة المسك، وبالتالي تدفق الملايين من الامتار المكعبة والتي تفيض مسكا على اصحابها الافاضل، والخوف الاشد من اهل جدة ان طوفان امواج بحيرة المسك على اهل جدة ان حدث فانه سيمثل كارثة انسانية وبيئية كبيرة وسيدفع اهالي جدة ثمنها وهذا بسبب التخلف في التخطيط للحاق بركب الحضارة والتي اخذ البعض قشورها وفهموها تطاولا في البنيان وتكاثرا بالغلمان ولم يستطع البعض ان يفهم ان الحضارة هي رقي النفس وتعلي معها كما قال الله عز وجل : قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها. وانا مع اهل جدة اشاركهم هذا القلق، لا بل واشاركهم المزيد من القلق، فمن غير المعقول ابدا ان مدينة كبيرة بهذا الحجم السكاني والمهم مازالت بدون مصارف صحية.
وقفة:
أيتها البيئة الخالدة في قلبي: إني أتساءل اين دراسات البعد البيئي والامن البيئي لهذه البحيرة؟ ألم يُؤخذ في الحسبان سؤال نطرحه للرئاسة العامة للارصاد وحماية البيئة؟ ان دراسات الأمن البيئي ليس فقط لبحيرة المسك انما حتى معظم المخططات المعتمدة من الامانة او بلدية هل يوجد لدينا ما يسمى الامن البيئي؟ باختصار انا مثل هذه الدراسات مفقود يا ولدي مفقود كما فقدت الكثير من الضحايا التي لم يعثر لهم حتى الآن بسبب السيول في اطار جدة.

أستاذ الكيمياء المشارك بجامعة ام القرى بمكة المكرمة
رئيس فرع جمعية البيئة السعودية بمكة المكرمة

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *