باعة الوهم على حساب الصحة !!

• عبد الناصر الكرت

[COLOR=blue]عبد الناصر الكرت[/COLOR]
بات من المؤكد أن هناك عناصر رديئة جداً من البشر يسعون دائماً لاستغلال حاجة الناس وظروفهم لتحقيق مكاسب غير مشروعة لهم , وبطرق تنعدم فيها الأخلاق وتتنافى مع أبسط درجات الإنسانية . حيث يعمد هؤلاء المحتالين لبيع الوهم مروجين لذلك بأساليبهم الرخيصة وحيلهم البائسة . وهم في الغالب يستهدفون أناس على الأسرة البيضاء يعانون من شدة المرض ممن أجبرتهم حالتهم الصحية المتعبة للبحث عن خيط الأمل .. دون أن يعلموا أنهم سيقعون مجدداً في شباك الألم النفسي المرير الذي يضاف إلى آلامهم الصعبة التي يشتكون منها.
حيث أخبرني أحد الأصدقاء بأن والده كان يعاني من الفشل الكلوي , ولأن حالته الصحية لا تسمح له بإجراء عملية الزراعة لتقدمه في العمر . فقد كان يبحث عن أي علاج يخفف عنه , ليجد دعاية مزيفة بأن هناك شخصاً في منطقة أخرى لديه عشبة خاصة تعالج تماماً من الفشل الكلوي , يقدمها للمرضى ويحتسب أجرها عند الله تعالى , ولم يصدق خبراً كهذا !! فتوجه إلى مدينة ذلك الطبيب الشعبي المزعوم , ليصل إلى منزله حسب الوصف والعنوان , وبعد أن فتح له باب الدار ( العيادة التي يستقبل فيها المرضى أو أهليهم ) أصرّ على بقائه في الداخل بينما يحضر العشبة وصاحبنا لا يريد سوى تلك الوصفة المطلوبة . ولكن مع إصراره وافق لينتظر وحده طويلاً حتى قدم شخص آخر يدّعي أنه من منطقة أخرى , يبحث عن ذات العلاج . ولاحظ أن لهجته تختلف نهائياً عن لهجة أبناء المنطقة التي نسب نفسه إليها . بل أدرك أنها تطابق لهجة ذلك الطبيب الشعبي الذي يجلس في داره . ويقول بأنه عرض مشكلة أحد مرضاه راغباً في تلك العشبة الطيبة التي سمع عنها من الكثيرين الذين استفادوا منها , وتركوا غسيل الكلى طالباً معرفة قيمتها ؟ لتكون الإجابة سريعة بأنها تكلف عشرين ألف ريال. ولكن لأنكم جئتم من أماكن بعيدة فهي لكم بعشرة آلاف فقط – ليسمع من الآخر كلمة ما قصّرت – كأسلوب تسويقي , ويعتذر بأن ليس لديه اليوم سوى واحدة وهي للأخ الذي سبق بالوصول – يقصد صاحبنا – وغداً سيحضر الثانية ويقول هنا أسقط في يدي وعشت لحظة صراع داخلي حيث تردّدت لكنني تذكرت حالة والدي المريض ومعاناته مع الغسيل شبه اليومي . رغم شكوكي بأنها لا تزيد عن كونها تمثيلية هزيلة لإقناعي بالشراء وأخيراً حملت العشبة المشؤومة بعد أن نقدته كامل المبلغ لتكون سبباً في تسمم الدّم ومن ثم وفاة والدي يرحمه الله.
والمؤلم أن هذا ما يحدث مع كثيرين يبحثون عن الأمل فيقعون في دائرة الألم بأفعال أناس لا يفهمون الدّين وليس لديهم ذرة من الأخلاق . والموضوع هنا وكما يلاحظ القارئ الكريم يتعلق بالاحتيال واستغلال ظروف المرضى وتقديم أشياء مضرة على حساب الصحة وقد تؤدّي إلى الموت كما حصل لوالد محدثنا مما يستوجب الحذر من عديمي الضمير وتدخل الجهات المعنية سواء وزارة الصحة أو غيرها , لحماية الناس من أمثال هؤلاء الأدعياء النّصابين الذين يبيعون الوهم على حساب الصحة.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *