بأي حق أو شرع يحرم الورثة من إرثهم؟

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبد الرحمن بن محمد الأنصاري [/COLOR][/ALIGN]

إنّ الكثير من الأنظمة والقوانين الإدارية القديمة و التي لا يزال العمل جاريا بها في بلادنا الحبيبة المملكة العربية السعودية، هي في جملتها قوانين وأنظمة استنسخها المستشارون، المستقدمون للعمل يوم كانت المملكة تعاني شحا وندرة الكفاءات الإدارية الوطنية، نتيجة عدة عوامل واعتبارات، يأتي في مقدمتها الحداثة العُمْرية النسبية للمملكة وقتها، وعدم انتشار التعليم بما يفي لسدّ احتياجات البلاد من الكفايات العلمية والعملية، وذلك ما حتّم الاستعانة بالقدرات الخارجية الوافدة، حتى في مجال سنّ التشريعات والتنظيمات الإدارية وغيرها، ولو تأمّلنا مجمل تلك القوانين، لوجدنا تناسبا وتناغما بينها وبين الحقب الزمانية التي وُجدت فيها، كما أننا لو حاولنا وضع أيدينا على الأسباب والمسببات التي جعلت بعض البلدان العربية ـ التي كُنّا نستنسخ قوانينها الإدارية ـ هي اليوم في مؤخّرة الكثير من البلدان التي سبقتها هي في سائر المجالات، لما وجدنا سببا مقبولا غير الجمود المستمر لتلك البلدان على تلك القوانين والأنظمة الإدارية، التي هي أبعد ما تكون عن مواكبة التقدم الحضاري ومواكبته، ولكي نفهم ذلك على حقيقته، فإنّ علينا وقفةً مع النفس وتأمّلاً نقارن من خلاله بين ما سبقت فيه بلادنا غيرها من البلدان التي هي في مثل سنّها وعمرها الزمني، وما سبقت به اليوم البلدان الأخرى التي سبقتها في الوجود بقرون، وذلك في مجاليْ البناء والتقدم الحضاري.. نقارن ذلك مع ما لا نزال نشعر فيه بعدم مسايرة سرعة الزمن وتسابق الأمم في التقدم والرقي في مجالات الحياة المماثلة.
إنّ النتيجة الحتمية التي سنصل إليها نتيجة تلك المقارنة وذلك التأمّل، هي أنّ ما يظهر فيه تقدّمٌ جليٌّ لبلادنا، هو ما تخلّت فيه عن تلك القوانين والتشريعات البشرية التي وُضعت لأجيال غير أجيال اليوم والغد.. وبالمقابل فإنّ الحقيقة المرّة، تكمن في أنّ الجوانب التي لا نزال نعاني فيها ما يشبه النقص أو إن شئتَ قل : التخلف، هي تلك التي لا نزال نسير فيها على عدم بصيرة تلك الأنظمة والقوانين التي استنسخناها، مع أنّ تطبيقها برهن على أنها \” لم تعد صالحة للاستعمال الآدمي \”.. ومنها على سبيل المثال وليس الحصر : بعض الأنظمة التي لا تزال مطبقة في \” التأمينات الاجتماعية \” حيث يُقتطع مبلغٌ معيّن من راتب الموظف، على أساس تأمين مستقبله ومستقبل أسرته المعاشي، بعد خروجه من العمل لسبب أو آخر، كالإحالة على التقاعد لبلوغ السنّ القانونية، أو العجز عن أداء العمل لمرض أو نحوه، فإذا انتقل ذلك الموظف إلى رحمة الله، ولو بعد أسبوع واحد من تقاعده، فإنّ تلك المبالغ التي كانت تقتطع من مرتبه، لن تُوزّع على ورثته وفق التوزيع المبيّن والمفصّل في كتاب الله الكريم لتركة الميت، وإنما وفق تنظيم أجنبي مستنسخ، لا مكان فيه لتقسيم التركة على الورثة المفصل في كتاب الله والسنة النبوية المطهرة.. فالبنتُ مشروط استفادتها من المعاش التقاعدي لوالدها المتوفي بعد زواجها، وأما الابن الذّكر، فإنّ حقه في مدّخرات والده المقتطعة من حُرّ راتبه وعرق جبينه، مربوط بشرط أن لا يزال على مقاعد الدراسة.. وبذلك فإنّ بنت الميت إذا كانت متزوجة، حتى ولو كانت هي التي تصرف على زوجها الفقير أو العاجز.. وأما ابنه، فإنّ استفادته تنتهي بمغادرته مقاعد الدراسة، وعندئذ فإنّ التأمينات الاجتماعية هي الوريث.. وأمّا ما لا أعرفه حقّا، فهو الشّرع الذي استُمدّ منه ذلك القانون الغريب والعجيب.
* مستشار إعلامي / وزارة الداخلية
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *